فصل
في بيان تدليسهم وتلبيسهم الحق بالباطل
قالوا إذا قال المجسم ربنا |
|
حقا على العرش استوى بلسان |
فسلوه كم للعرش معنى واستوى |
|
أيضا له في الوضع خمس معان |
وعلى فكم معنى لها أيضا لدى |
|
عمرو فداك أمام هذا الشأن |
بين لنا تلك المعاني والذي |
|
منها أريد بواضح التبيان |
فاسمع فذاك معطل هذي الجعا |
|
جع ما الذي فيها من الهذيان |
قل للمجعجع ويحك اعقل ذا الذي |
|
قد قلته إن كنت ذا عرفان |
العرش عرش الرب جل جلاله |
|
واللام للمعهود في الأذهان |
ما فيه إجمال ولا هو موهم |
|
نقل المجاز ولا له وضعان |
ومحمد والأنبياء جميعهم |
|
شهدوا به للخالق الرحمن |
منهم عرفناه وهم عرفوه من |
|
رب عليه قد استوى ديان |
الشرح : مما أوصى به المعطلة النفاة بعضهم بعضا أنهم قالوا : إذا قال لك المجسم ـ يعنون المثبت لعلوه تعالى واستوائه على العرش ـ ربنا على العرش استوى حقا كما جاء ذلك صريحا في كتابه بلسان عربي مبين ، فسله أي معنى من معاني العرش تريد؟ فإن العرش يطلق ويراد به سرير الملك ، ويطلق ويراد به عرش الكروم ، ويطلق ويراد به العريشة ، ويطلق ويراد به عرش بلقيس ملكة سبأ ، ويطلق ويراد به السقف.
وكذلك سله عن معنى استوى فإنه كذلك لفظ محتمل لعدة معان ، يقال استوى بمعنى جلس ، واستوى بمعنى قصد ، واستوى بمعنى بلغ تمامه وكماله ، واستوى بمعنى ساوى. وسله أيضا عن معنى على فانها تأتي للاستعلاء ولغيره ، كما ذكر ذلك أئمة اللغة ، فقل له بين لنا كل هذه المعاني التي تراد من هذه الألفاظ ، وأي هذه المعاني تريد ، فإذا حاول المعطل تشكيكك بمثل هذه الهذيانات ، وأراد أن يسد عليك باب الفهم للنصوص بسلب الألفاظ دلالتها على