أي عند التجريد والأفراد يكون ادعاء الإجمال ويكون التشكيك والتجهيل والتحريف لها عن مواضعها والإتيان بالباطل ، ولكن هؤلاء الجهلة يدعون هذا في المركب أيضا مع ما يحف به من بيان ينفي عنه كل اشتباه ، ويحكمون على الألفاظ في حال التركيب بمثل ما يحكمون به عليها في حال التجرد والافراد. جهلا منهم بالفرق بينهما وتجهيلا لغيرهم ، وتدليسا أي خدعا بصرف اللفظ عن معناه ، وتلبيسا أي سترا للحق وإظهار للأمر على خلاف ما هو عليه ، وترويجا لباطلهم عند السذج الذين لا بصر لهم بالأمور.
(فصل في بيان شبه غلطهم في تجريد اللفظ بغلط
الفلاسفة في تجريد المعاني)
هذا هداك الله من إضلالهم |
|
وضلالهم في منطق الإنسان |
كمجردات في الخيال وقد بنى |
|
قوم عليها أوهن البنيان |
ظنوا بأن لها وجودا خارجا |
|
ووجودها لو صح في الأذهان |
أني وتلك مشخصات حصلت |
|
في صورة جزئية بعيان |
لكنها كلية إن طابقت |
|
أفرادها كاللفظ في الميزان |
يدعونه الكلي وهو معين |
|
فرد كذا المعنى هما سيان |
تجريدا ذا في الذهن أو في خارج |
|
عن كل قيد ليس في الإمكان |
لا الذهن يعقله ولا هو خارج |
|
هو كالخيال لطيفة السكران |
الشرح : واعلم ـ هداك الله أن الذي وقع فيه هؤلاء من الإضلال والضلال بالنسبة للألفاظ حيث حكموا عليها بجواز التجرد في الخارج هو شبيه بضلال بعض الفلاسفة في المجردات الخيالية حيث ظنوا بأن لها وجودا في الأعيان وبنوا على ذلك الظن أوهن البنيان مع أن وجودها لو صح لا يكون إلا في الأذهان ، فإن الموجود في الخارج لا يكون إلا مشخصا حافلان في صورة جزئية معينة غير مشتركة أما إذا كانت الصورة صادقة على أفراد كثيرة ومطابقة لهم ، فهي كلية