شأنه من قبيل هذه المجردات ، فعطلوه عن وجوده وصفاته ، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا فتجريد الألفاظ عن تركيبها ، وكذلك تجريد المعاني كلاهما من قبيل الفرض الذهني فلا يجوز الحكم عليه في تلك الحالة بحكم ، فيقودك الخصم للتسليم بثبوت ذلك الحكم له في الأعيان ، بل عليك بالتفصيل إذا هم عمدوا إلى الإطلاق. فتقول إن أردتم أن هذا حكم له في الذهن على فرض تجرده فمسلم ، وإن أردتم أن هذا حكم له حال التركيب في الأعيان فممنوع. وكذلك إن أجملوا فعليك بالبيان والإيضاح.
فصل
في بيان تناقضهم وعجزهم
عن الفرق بين ما يجب تأويله وما لا يجب
وتمسكوا بظواهر المنقول عن |
|
أشياخهم كتمسك العميان |
وأبو بأن يتمسكوا بظواهر |
|
النصين وا عجبا من الخذلان |
قول الشيوخ محرم تأويله |
|
إذ قصدهم للشرح والتبيان |
فإذا تأولنا عليهم كان أبط |
|
الا لما راموا بلا برهان |
فعلى ظواهرها تمر نصوصهم |
|
وعلى الحقيقة حملها لبيان |
يا ليتهم أجروا نصوص الوحي |
|
ذا المجرى من الآثار والقرآن |
بل عندهم تلك النصوص ظواهر |
|
لفظية عزلت عن الإيقان |
لم تغن شيئا طالب الحق الذي |
|
يبغي الدليل ومقتضي البرهان |
الشرح : ينعى المؤلف رحمهالله على هؤلاء المتأخرين من علماء الكلام أهل الجمود والتقليد أنهم يتمسكون بالأقوال المأثورة عن أشياخهم ويجعلونها نصوصا لا تقبل التأويل ، ويحملونها على ظواهرها المتبادرة منها دون صرف لها عنها بدعوى مجاز أو غيره ، بل يرون ذلك ممنوعا لأنه ينافي ما قصد إليه الشيوخ من الشرح والبيان ، فإذا صرفت تلك الأقوال عن ظواهرها كان ذلك إبطالا لما