الشرح : وهنا أيضا ينادي المؤلف رحمهالله وارد القلوط نداء ترحم وإشفاق لعماه وجهله وعدم قدرته على التمييز بين كرام المناهل وعذابها ، وبين آسنها وخبيثها فيقول له إنك لو ترى الحشوي وهو يرد منهل الفرقان ويشرب من أصل الشريعة الصافي وينبوعها الطيب من كف رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم يوزع فضلة كأسه على الناس مختومة بمسك وريحان ، إذا لعذرته أن احتقر وردك الآجن وبال فيه ولم يكن من جملة وراده الذين استعذبوه بسبب عماهم عما فيه من أخباث وأقذار.
ثم دعاه أن يطرح الكسل ، وأن لا يرضى لنفسه بالدون ، وأن يقصد إلى رأس الماء فإنه قريب دان والطريق إليه سهل ميسور ، وهو واسع ولا يضيق بوراده مهما كثروا فلو نزل به الثقلان جميعا لكفاهم ، وهو إذا قيس بالورد الآخر أيسر منه منالا للوارد الظمآن.
ولعلك أيها القارئ قد فهمت ما قصد إليه المؤلف من المقابلة بين هذين الوردين وما أراده بكل منهما ، فهو يكنى بأكرمهما عن المصادر الأولى للشريعة من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة التي سلمت من الزيغ والانحراف ويكنى بأخبثها المعبر عنه بالقلوط عن تلك الآراء والأقوال المبتدعة التي يزعمها أصحابها عقليات ، وما هي إلا أوساخ العقول وقاذورات الأفهام ، وهي تفضي بسالكيها إلى الخروج من حظيرة الإسلام.
* * *
فصل
في بيان هدمهم لقواعد الإسلام
والإيمان بعزلهم نصوص السنة والقرآن
يا قوم والله انظروا وتفكروا |
|
في هذه الأخبار والقرآن |
مثل التدبر والتفكر للذي |
|
قد قاله ذو الرأي والحسبان |