كتاب الله عن أن يكون هدى وبيانا وشفاء كما وصفه الله حيث يقول : (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران : ١٣٨] وحيث يقول : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ) [المائدة : ١٥] وحيث يقول : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [يونس : ٥٧] الخ ذلك من الآيات.
* * *
يا ويح جهم وابن درهم والألى |
|
قالوا بقولهما من الخوران |
بقيت من التشبه فيه بقية |
|
نقضت قواعده من الأركان |
ينفي الصفات مخافة التجسيم لا |
|
يلوي على خبر ولا قرآن |
ويقول أن الله يسمع أو يرى |
|
وكذاك يعلم سر كل جنان |
ويقول أن الله قد شاء الذي |
|
هو كائن من هذه الأكوان |
ويقول أن الفعل مقدور له |
|
والكون ينسبه إلى الحدثان |
وبنفيه التجسيم يصرح في الورى |
|
والله ما هذان متفقان |
لكننا قلنا محال كل ذا |
|
حذرا من التجسيم والامكان |
الشرح : يتحسر هذا الملحد على اثنين من أسلافه ، وهما الجهم بن صفوان والجعد بن درهم ومن ذهب مذهبهما حيث منعهم الجبن والخور من التصريح بالنفي والإنكار ، فبقيت فيهم بقية من تشبيه أتت على مذهبهم من القواعد ، فهم ينفون الصفات مخافة التجسيم دون أن يكترثوا لما جاء من النصوص في الكتاب والسنة بإثباتها ، ثم هم مع ذلك يثبتون له السمع والرؤية والعلم بما تخفيه الصدور وتسره القلوب ، ويثبتون له كذلك المشيئة العامة والقدرة الشاملة فلا يخرج كائن عندهم عن مشيئته ، ولا يحدث إلا بقدرته ، ويقولون أن الفعل مقدور له ، وأن العالم بجميع أجزائه حادث بعد عدم ، وأن الله أوجده بمشيئته وقدرته ، فكيف يتفق هذا الاثبات مع تصريحهم بنفي التجسيم والله ما هذان متفقان.