ولكنا نحن لم نتردد كما تردد جهم ، ولم نجبن عن التصريح بالنفي الشامل فلم نثبت لا سمعا ولا بصرا ، ولا علما ولا كلاما ، ولا مشيئة ولا قدرة على الفعل ، ولا قلنا بحدوث العالم عن مشيئته وقدرته ، بل قلنا أن كل ذلك محال حذرا من الوقوع في التجسيم والإمكان.
* * *
فصل
وأتى فريق ثم قال ألا اسمعوا |
|
قد جئتكم من مطلع الإيمان |
من أرض طيبة من مهاجر أحمد |
|
بالحق والبرهان والتبيان |
سافرت في طلب الإله فدلني ال |
|
هادي عليه ومحكم القرآن |
مع فطرة الرحمن جل جلاله |
|
وصريح عقلي فاعقلي ببيان |
فتوافق الوحي الصريح وفطرة ال |
|
رحمن والمعقول في إيماني |
شهدوا بأن الله جل جلاله |
|
متفرد بالملك والسلطان |
وهو الاله الحق لا معبود إلا |
|
وجهه الأعلى العظيم الشأن |
بل كل معبود سواه فباطل |
|
من عرشه حتى الحضيض الداني |
الشرح : بعد أن ذكر المؤلف طوائف أهل الضلال الذين سافروا في طلب الحق جل شأنه فعميت عليهم السبل ، وضلت بهم المسالك لأنهم لم يطلبوه من مصادره ، ولم يسلكوا إليه النهج الواضح ، بل رجعوا في ذلك إلى خيالات فاسدة وأوهام كاذبة ، أخذ في بيان فريق الحق أهل السنة والجماعة فذكر أن هذا الفريق حين قدم من سفره وعرض بضاعته قال إني قد جئتكم من مطلع الإيمان أي مكان طلوعه وظهوره وهي أرض طيبة دار الهجرة بالحق الصريح والبرهان الجلي والتبيان الواضح ، وكنت قد سافرت إليها في طلب العلم بالله جل شأنه فدلني عليه أربعة أشياء كلها عليه دوال ولا يؤخذ العلم به إلا من طريقها.
الأول : نبيه الذي أرسله بالهدى ودين الحق والمراد سنته الصحيحة.