النرد. وبشر (١) بن المعتمر وابراهيم بن سيار (٢) الملقب بالنظام ، ووصفه بأنه مقدم القدم في الفسق والمجون ، ثم الجعفرين ، أعني جعفر بن مبشر وجعفر بن حرب ، وكانا على مذهب النظام. ثم شيطان الطاق (٣) ، ثم أبا يعقوب الشحام صاحب أبي الهذيل وكان يقول بقوله في الصفات وأنها عين الذات ثم أبا الهذيل العلاف الذي كان يقول بتناهي حركات أهل الجنة وأهل النار ، ثم الحسين النجار من متأخري المعتزلة وكان مذهبه يميل إلى الاعتدال.
فهؤلاء جميعا ليس فيهم من يقف عند حدود الوحي المنزل أو يلتزم الأخذ بالنصوص الصريحة بل يبتدعون بأهوائهم ما لا أصل له في كتاب ولا سنة كما هو معروف من مذاهبهم التي نقلها عنهم من ألف في الفرق والمقالات وخير هؤلاء هو أبو الحسن علي بن اسماعيل الأشعري إمام الطائفة الاشعرية ، فإنه أقربهم إلى الكتاب والسنّة وإن كان خالف مذهب السلف في أشياء ، كالقول بالكلام النفسي ونفي الحرف والصوت ، ونفي الحكمة على أفعاله تعالى ، ونفي قيام الأفعال الاختيارية بذاته ، ولكنه رغم ذلك يثبت الصفات الخبرية من الاستواء والوجه واليدين والعينين ونحوها. وقد صرح في جميع كتبه بأن الله مستو على عرشه بمعنى العلو والفوقية ، وأنكر تأويل الاستواء بالاستيلاء.
ومن العجيب أن المتأخرين من أتباعه يكفرون من قال أن الله فوق عرشه بذاته لأنه يثبت الجهة والحيز وهو عندهم تجسيم فيلزمهم على ذلك تكفير إمامهم لأنه ممن يثبت الجهة ، وهكذا يتبرأ أهل التعطيل من خيار عسكرهم إذا قالوا قولا يوافقون فيه أهل الحق ويقربون به من الإيمان.
* * *
__________________
(١) أحد علماء المعتزلة ، وكان في زمن الرشيد ، وكان يقول بالتولد. وهناك بشر آخر ـ يقال بشر ابن غياث المريسي ، وهو الذي ناظره الإمام عبد العزيز بن يحيي الكناني في مسألة خلق القرآن وفلج عليه بين يدي المأمون ، كما ذكر ذلك في كتابه الحيدة.
(٢) هو صاحب القول بالطفرة وله آراء غريبة في علم الكلام وهو تلميذ لأبي الهذيل.
(٣) هو محمد بن النعمان وشيطان الطاق لقبه وأصحابه يقال لهم الشيطانية وهو من غلاة الشيعة وقد صنف لهم كتبا كثيرة منها كتاب (الإمامة).