ممن قال الله فيهم (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ). [النور : ٤٨].
وليس العلم أن تعمد إلى صفات الرب الثابتة بالنصوص الصريحة الواضحة فتنفيها وتجحد ثبوتها بحجة أنك تقدس الله وتنزهه عن الاتصاف بصفات الأجسام والمحدثات. وليس العلم أن تعمد إلى صفة العلو الثابتة لله بالنقل والعقل والفطرة فتنفيها بحجة التنزيه لله عن الأحياز والجهات.
وليس العلم ان تعزل نصوص الوحيين عن إفادة الحق في باب الاعتقاد بحجة أنها ظواهر لفظية محتملة ، وأن ما تطرق إليه الاحتمال يسقط به الاستدلال. ولهذا حكمتم عليها بأنها لا تفيد علما ولا يقينا ، بل إنما يستفاد هذا عندكم من البراهين التي هي أوساخ العقول والأفكار ، والتي تسمونها قواطع عقلية تنفون بها ظواهر الآيات والأخبار.
وليس العلم كذلك أن تشتغل بسرد آراء الرجال وعدها ومحاولة ضبطها وحصرها ، فيكون حظك من العلم أن تقول : قال فلان كذا ، ورأى فلان كذا ، دون أن تناقش هذه الآراء وتبين صحيحها من زائفها.
وليس العلم أيضا تأويل النصوص بما ينفي معانيها الظاهرة منها ولا تبديل ألفاظها بغيرها ، ولا تحريف كلمها عن مواضعها بالكذب والبهتان.
وليس العلم إشكالات تورد ولا تشكيكات تعد ، ولا توقّف في المسائل يدل على الحيرة والتردد.
فهذه هي كل ما لديكم من أبواب العلم ، وليس فيها شيء من العلم ، وكانت هي السبب في أن ناصبناكم العداوة والبغضاء.
* * *