فرقعة وهي صوت السياط ، والجعاجع : جمع جعجعة وهي صوت الرحا. عريت : تجردت ، يهولك : يفزعك ، المنجنيق : آلة توضع فيها الحجارة لترمى بها الحصون ، والينزك : الشهب التي ترمي بها الشياطين.
الشرح : لا يجد أهل التعطيل حجة يشغبون بها على أهل الاثبات ويغيرون بها في وجه الحق إلا حجة التركيب ، والأصل في هذه الحجة هم الفلاسفة فإن مذهبهم أن واجب الوجود واحد من كل وجه بسيط لا تكثر فيه لا ذهنا ولا خارجا ، ولهذا نفوا جميع الصفات الثبوتية من العلم والقدرة والإرادة ونحوها ، ولم يثبتوا إلا السلوب والإضافات ، ولكن فريقا من المتكلمين جاروهم في هذه الفرية وواطئوهم عليها وصاروا إلبا واحدا على أهل الإثبات ، ونصبوا من هذا التركيب منجنيقا يرمون منه معاقل الإثبات من زمان بعيد.
والمؤلف رحمهالله يحذر من الاغترار بما يجعجع به هؤلاء من سفسطات ليس لها سنة من دليل ، ويخبر أنه ليس عندهم ما يهولون به غير هذا المنجنيق المتداعي الأركان الذي يسمونه التركيب ، ناصبين له تحت معاقل الإيمان ، وأخذوا يرمونها به حتى بلغت حجارته لقوة رميها مواقع الحصون ، فأسقطت شرفاتها واستولت على الجدران ، فكم من حصن استولوا عليه بواسطة هذا المنجنيق وهم ما نصبوه إلا ليعبروا من خلال هذه الحصون إلى الحصن الأكبر الذي هو حصن الإيمان. ومما زاد الأمر سوءا والبلاء شدة أن جماعة من أهل الحصن قد انضموا إلى هؤلاء الأعداء ووافقوهم على العدوان ، ورموا معهم بالمنجنيق حصن الايمان ، وكان ما لقيه أهل الحصن من هؤلاء المنافقين أشد مما لقوه من أهل الكفران ، وتركب من كفر هؤلاء وموافقة بعض أهل الحصن لهم طغيان شديد على أهل الحق وجرت منهما على الإسلام محنة قاسية ، وكان ذلك بتقدير الله جل شأنه ، ولو لا أنه سبحانه تدارك دينه بلطفه ورحمته لجرى عليه ما جرى على الأديان قبله من الفساد والضياع ، ولكنه أقام له بفضله جندا من أهل الحق ينصرونه ويحمونه ويرمون منجنيق أهل التعطيل بصواعق محرقة من أدلة الإثبات حتى أتوا