فإن قيل : إن الآلام يقف حصولها على أمور كوقوف السّدم على وصول بعض البلدان وما شاكل ذلك؟
قلنا : قد ثبت أن الآلام من فعله تعالى ، وثبت أنه جلّ وعلا يفعل الأفعال المبتدأة والمسبّبة ، ولا يمتنع أن يكون في فعله تعالى للآلام بسبب وصول البلدة (١) المخصوصة ، وخلقه للولد من النّطفة في الموضع المخصوص وإنبات الحب بسبب المطر والتراب ونحو ذلك مما يكثر تعداده من الحكمة والمصلحة مما يخفى علينا ، وإن كان الفطن اللّبيب قد يدرك وجه الحكمة والله أعلم.
«و» اعلم : أن الآلام «تحسن من الله تعالى لغير المكلف» كالأطفال والمجانين والبهائم ونحوها ، إمّا «لمصلحة يعلمها الله سبحانه وتعالى له» وإن جهلنا ماهيتها ، فهي أعم من العوض لأنه تعالى الحكيم الغني على الإطلاق ، والحكيم الغني على الإطلاق لا يفعل إلّا الحسن ووجه حسنها ما ذكرناه.
وإمّا لما ذكره «أبو علي وأصحاب اللّطف» من أنه «يحسن» الألم «من الله تعالى له» أي لغير المكلف وظاهر كلامهم الإطلاق سواء كان مكلّفا أو غير مكلّف «للعوض فقط» أي لإيصال العوض إلى المؤلم من دون اعتبار ولطف لأحد من المكلفين.
وكذلك يحسن الألم منه تعالى لدفع الضّرر عن المؤلم فقط أي من دون اعتبار وعوض.
وأصحاب اللّطف هم : بشر بن المعتمر ومتابعوه سمّوا (٢) أصحاب اللّطف لقولهم : إنه يمكن أن يلطف الله بكل مكلّف حتى يؤمن ولا يكفر ، ولكن لا يجب اللّطف على الله تعالى إذ لو وجب عليه لكان جميع المكلفين مؤمنين هكذا ذكره الحاكم.
وقال الإمام «المهدي» أحمد بن يحيى «عليهالسلام وجمهور البصرية : لا
__________________
(١) (ض) البلدان و (ب) البلد.
(٢) (ض) وسموا.