من بعد العدم المحض «بتقدير قدرته»: أي بإحكامه تعالى وتقديره جلّ وعلا لجميع خلقه على قانون الحكمة.
«والصلوات والسلام على محمد النبيء المختار لتبليغ الرسالة» : الصلاة من الله معظم الرحمة أي معظم رحمة الله ، والسلام السلامة من كل شر (١) وهو في معنى الدعاء أي اللهم صلّ وسلم «إلى الثقلين»: وهما الجن والإنس ، وأصل الثقل لكل نفيس خطير تسمّى به الجن والإنس لأنهما فضّلا بالتمييز والعقل على سائر الحيوان ، أو لما حملا من ثقل التكاليف «لاستيداء»: أي : لطلب أداء المكلفين «شكر نعمته» : وذلك بالامتثال لأوامره جل وعلا والانتهاء عن مناهيه ، وفيه إشارة إلى أن وجه وجوب الواجب الشرعي كونه شكرا لله تعالى كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
«و» الصلاة والسلام «على أخيه ووصيّه» وهو علي عليهالسلام لأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم آخى بين كل متناسبين من أصحابه وجعل عليّا أخاه لمّا لم يكن له مناسب غيره ، وهو وصيّه أيضا وعليه إجماع العترة عليهمالسلام وشيعتهم رضي الله عنهم.
وفي الأخوة والوصاية روايات كثيرة ليس هذا موضع ذكرها «وباب مدينة علمه»: أي مدينة علم النبيء صلى الله عليه وعلى آله وسلم لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» شبّه علم النبيء صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكثرته وتشعب فنونه بالمحسوسات المختلفة الكثيرة التي لا توجد مجتمعة إلّا في مدينة على طريق الاستعارة بالكناية ، فأثبت له المدينة استعارة تخييلية ، ثم رشح تلك الاستعارة بذكر الباب الذي لا بدّ للمدينة منه ، والإضافة في علمه لتعظيم شأن المضاف وإضافة الجنس هاهنا تفيد الحصر ، أي لا باب لمدينة علم النبيء صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلّا عليّعليهالسلام «المنزّل» من النبيء صلى الله عليه وعلى آله وسلم «منزلة هارون من موسى» : في جميع ما لهارون من موسى عليهالسلام «إلّا النّبوّة»: فهي مستثناة من منازل هارون ، وهذا إشارة إلى حديث المنزلة وهو
__________________
(١) في (أ) من كل شيء.