فأصلها وعرفها هنا واحد لأن القرآن عرض خلقه الله واخترعه وجعله عرضا يحتاج إلى محل.
وجعل لنا القدرة بما ركّب فينا من القوة والآلات على اتّباعه والنطق بحروفه وترتيبه ونظمه.
قال الإمام أحمد بن سليمان عليهالسلام في الحقائق :
اعلم : أن النطق بالكلام على وجهين : حكاية ، ومبتدأ :
فالمبتدأ ما ينطق به الإنسان ويبتدعه من نفسه من الكلام.
والحكاية : هو (١) ما ينطق به من كلام غيره ، ومن ذلك القرآن ففعله فيه الحكاية إذا تلاه ، والمحكيّ هو فعل الله.
وكذلك ما حكي من كلام المتكلمين فذلك الكلام لمن ابتدعه وهو مفعول له لمّا حكاه ، كما أن البنّاء والنجّار (٢) والصانع والنّساج فعلهم التأليف والحركة والسكون ، وفعل الله الأجسام وهي مفعولهم (٣).
وكذلك القراءة لهم فعل والقرآن مفعول لهم وهو فعل الله وهو عرض. انتهى. وهو معنى ما ذكرنا.
رجع الكلام إلى الاستدلال على حدوث القرآن فنقول :
الذي سبق ذكره هو دليل على حدوثه.
«وقد» أكّده السمع حيث قال تعالى : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) (٤) «... الآية ونحوها» كقوله تعالى : (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا ، (٥) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ) (٦) وغير ذلك.
__________________
(١) (ب) هي.
(٢) (أ) والنحات.
(٣) (ض) وهي مفعول لهم.
(٤) الأنبياء (٢).
(٥) الزخرف (٣).
(٦) الشعراء (٥).