إننا حينما نسمع هذا الكلام من علماء الكون ، ونسمع قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) ونعلم أن هذه الآية نزلت في الوقت الذي لم يكن يعرف فيه أحد شيئا عن بداية الكون من الناحية العلمية ، إننا حينما نسمع هذه الآية نعلم أن الله تعالى إنما أخبر بها من أجل أن تكون الدليل القاطع ، والبرهان الساطع للأجيال القادمة بأن هذا القرآن من عند الله وليس من عند البشر.
ولكن .. ربما يقول بعض الناس : إن هذا التطابق الذي نفرضه بين العلم والآية ، قائم على هذه النظرية التي ذكرت عن بداية الكون.
ولكن هذا ليس أمر يقينيا ، وإنما هو ظن قابل للتغير .. فما ذا نعمل إذا تغير ..؟.
والجواب على هذا : هو أننا لم نسق هذه الآية لنؤيد بها قول العلماء على بداية الكون ، وكيفية هذه البداية ، وإنما سقناها لنبين بها حقيقة قطعية ، وهي أن السموات والأرض كانتا رتقا ـ قطعة واحدة ـ أو جسما واحدا ، وبعد ذلك حصل الفتق والتعدد.
وهذه حقيقة لم يقلها أسلافنا ويؤمنوا بها نتيجة للبحث والنظر في بداية الأمر ، وإنما قالوها إيمانا بالغيب عن خبر القرآن ، ولم يؤمن بها رواد العلم الحديث عن خبر القرآن ، وإنما آمنوا بها عند البحث والنظر والاستدلال ، ومن ثم كانت نتيجة البحث العلمي مطابقة لحقيقة الخبر القرآني وهو الذي نريده.
أما كيف كانت بداية الكون ، أو بداية الحركة في المادة الأساسية الموجودة فيه ، وكيف وجدت المجموعات والمجرات والكواكب ، وهل الأرض قطعة من الشمس ، أم أن الشمس والأرض والقمر والمجموعة الشمسية بأسرها قد نشأت عن السديم ، والسديم نشأ من سديم آخر ، فهذا أمر ربما توصل العلم فيه إلى اليقين ، وربما بقي في محل الظنون ، إلا أنه على كل الأحوال ستبقى مسألة الانفصال والتعدد عن الكتلة الواحدة حقيقة علمية مؤيدة بالأدلة والبراهين ، وهو الذي جاء به القرآن معجزة علمية.