فسروها حسب مقتضيات اللغة ومدلولاتها ، مع ما هو معروف لديهم بالبداهة عن مكان الجنين ، وهو البطن ، والرحم ، والمشيمة.
فقالوا : الظلمات الثلاث المذكورة في الآية هي : ظلمة البطن ، تليها ظلمة جدار الرحم ، ثم تليها ظلمة المشيمة المحيطة بالجنين.
وهذا تفسير سليم من جهة اللغة تماما ، وأيضا هو سليم من حيث الواقع ، فالجنين فعلا يكون في هذه الظلمات.
إلا أن المعلومات الحديثة عن أوعية الجنين ، التي أظهرتها الكشوف الحديثة ، تعطينا معنى جديدا للظلمات الثلاث ، تظهر فيه قدرة الله وعظمته في الخلق والتكوين.
وذلك أن الجنين يكون محاطا بثلاثة أغشية تحيط به من كل جانب ، وكل غشاء من هذه الأغشية يقوم بدور لا يقوم به الغشاء الآخر.
الأول ، غشاء السلى ، أو غشاء الأمنيون ، ويدعى بالغشاء الباطن ، لأنه يحيط بالجنين من كل جانب ، وهو عبارة عن كيس غشائي رقيق ، يحتوي سائلا يزداد مع نمو الجنين ، ويقوم على تغذيته وحمايته من الصدمات ، كما يسمح للجنين بالحركة ، ويحتفظ له بالحرارة الثابتة ، إلى جانب فوائد أخرى ، ولا سيما أثناء الولادة.
وهذه هي الظلمة الأولى.
وأما الغشاء الثاني : فهو غشاء الكوريون ، ويكون محيطا بالغشاء الأول ، وطبقته الخارجية بها زغابات وخملات كثيرة ، تنتقل بواسطتها الأغذية والأوكسجين من الأم إلى الجنين ، كما ينتقل غاز ثاني أوكسيد ، الكربون والبولينا من الجنين إلى دم الأم.
وهذا يشكل الظلمة الثانية.
وأما الثالث : فهو الغشاء الساقط ، ويحيط بالغشاء الثاني ، ومن ثم بالجنين من كل جانب ، وهو مكوّن من الغشاء المخاطي المبطن للرحم ، وهو رقيق ، إلا أنه ينمو نموا سريعا بتأثير هرمون الحمل.