الا له. ومعلوم أن نفي الماهية أقوى في التوحيد الصرف من نفي الوجود ، فكان إجراء الكلام على ظاهره والاعراض عن هذا الاضمار أولى.
وأجاب أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل المرسي (٤٥) في «ريّ الظمآن» فقال : هذا كلام من لا يعرف لسان العرب ، فإن «إله» في موضع المبتدأ على قول
__________________
ـ ذلك جمع من أهل العلم منهم ابو العباس ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم وآخرون رحمهمالله.
ومن ادلة ذلك قوله سبحانه : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ) فأوضح سبحانه في هذه الآية أنه هو الحق وان ما دعاه الناس من دونه هو الباطل ، فشمل ذلك جميع الآلهة المعبودة من دون الله من البشر والملائكة والجن وسائر المخلوقات ، واتضح بذلك انه المعبود بالحق وحده ، ولهذا انكر المشركون هذه الكلمة وامتنعوا من الاقرار بها لعلمهم بأنها تبطل آلهتهم لأنهم فهموا ان المراد بها نفي الالوهية بحق عن غير الله سبحانه ولهذا قالوا جوابا لنبينا محمد صلىاللهعليهوسلم ، لما قال لهم : قولوا ، لا إله الا الله (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) ، وقالوا أيضا : (أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) ، وما في معنى ذلك من الآيات.
وبهذا التقدير يزول جميع الأشكال ويتضح الحق المطلوب.
والله ولي التوفيق.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(٤٥) في الاصل : المرشي ، وقال الاستاذ أحمد شاكر رحمهالله والمرسي هذا : هو شرف الدين محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل المرسي الاندلسي ، «الاديب النحوي المفسر المحدث الفقيه» ، كما وصفه ياقوت. لقيه ياقوت بمصر سنة ٦٢٤ ، وأخبره أن مولده سنة ٥٧٠ ، وذكر كثيرا من مؤلفاته : منها : «تفسير القرآن ، سماه : ري الظمآن في تفسير القرآن ، كبير جدا ، قصد فيه ارتباط الآي بعضها ببعض». انظر ترجمته في «معجم الادباء» ٧ : ١٦ ـ ١٧. وتوفي شرف الدين هذا في طريق العريش سنة ٦٥٥. وترجمه ابن كثير في التاريخ ١٣ : ١٩٧ ، وابن العماد في «الشذرات» ٥ : ٢٦٩. وهو الذي سمع منه رضي الدين الطبري «صحيح ابن حبان» ، كما أثبتنا ذلك في مقدمة «صحيح ابن حبان» ص : ٢٧. ومما يستغرب من شأنه ، ما ذكره ياقوت : انه «كانت له كتب في البلاد التي ينتقل فيها ، بحيث لا يستصحب كتبا في سفره ، اكتفاء بما له من الكتب في البلد الذي يسافر إليه» رحمهالله.