والقدرية دخلوا في التعليل (٤٧) على طريقة فاسدة : مثّلوا الله فيها يخلقه ، ولم يثبتوا حكمة تعود إليه.
قوله : (لا تبلغه الاوهام ، ولا تدركه الافهام)
ش : قال الله تعالى : (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) طه : ١١٠ قال في «الصحاح» : توهمت الشيء : ظننته ، وفهمت الشيء : علمته. فمراد الشيخ رحمهالله : أنه لا ينتهي إليه وهم ، ولا يحيط به علم. قيل : الوهم ما يرجى كونه ، أي : يظن انه على صفة كذا ، والفهم : هو ما يحصله العقل ويحيط به. والله تعالى لا يعلم كيف هو الا هو سبحانه وتعالى ، وانما نعرفه سبحانه بصفاته ، وهو أنه أحد ، صمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا احد ، (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) البقرة : ٢٥٥. (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ. هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) الحشر : ٢٣ ـ ٢٤.
قوله : (ولا يشبهه الانام).
ش : هذا رد لقول المشبّهة ، الذين يشبهون الخالق بالمخلوق ، سبحانه وتعالى ، قال عزوجل : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الشورى : ١١. وليس المراد نفي الصفات كما يقول أهل البدع فمن كلام أبي حنيفة رحمهالله في «الفقه الاكبر» : لا يشبه شيئا من خلقه ولا يشبهه شيء من خلقه. ثم قال بعد ذلك : وصفاته كلها خلاف صفات المخلوقين ، يعلم لا كعلمنا ، ويقدر لا كقدرتنا ، ويرى لا كرؤيتنا. انتهى. وقال نعيم بن حماد (٤٨) : من شبه الله بشيء من خلقه فقد كفر ،
__________________
(٤٧) في المطبوعة : التعطيل وهو خطأ لأن السياق يأباه.
(٤٨) هو نعيم بن حماد الخزاعي المروزي أبو عبد الله أول من جمع المسند في الحديث ، كان من أعلم الناس بالفرائض ، أقام مدة في العراق والحجاز يطلب الحديث ثم سكن مصر. قال الحافظ في «التقريب» : صدوق يخطئ كثيرا. مات سنة ثمان وعشرين ومائتين.