فإن الحياة مستلزمة لجميع صفات الكمال ، فلا يتخلف عنها صفة منها إلا لضعف الحياة ، فاذا كانت حياته تعالى أكمل حياة وأتمها ، استلزم اثباتها اثبات كل كمال يضاد نفيه كمال الحياة. وأما القيوم فهو متضمن كمال غناه وكمال قدرته ، فإنه القائم بنفسه ، فلا يحتاج الى غيره بوجه من الوجوه. المقيم لغيره ، فلا قيام لغيره الا بإقامته. فانتظم هذان الاسمان صفات الكمال أتم انتظام.
قوله : (خالق بلا حاجة ، رازق بلا مئونة)
ش : قال تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ. ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ. إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) الذاريات : ٥٦ ـ ٥٨. (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ [الْحَمِيدُ]) فاطر : ١٥. ([وَاللهُ الْغَنِيُ] وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) محمد : ٣٨. (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ) الانعام : ١٤. وقال صلىاللهعليهوسلم ، من حديث أبي ذر رضي الله عنه : «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، [يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك في ملكي شيئا] ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وانسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد ، فسألوني ، فأعطيت كل انسان مسألته ـ ما نقص ذلك مما عندي الا كما ينقص (٥٥) المخيط اذا أدخل البحر» الحديث. رواه مسلم (٥٦). وقوله بلا مئونة : بلا ثقل ولا كلفة.
قوله : (مميت بلا مخافة ، باعث بلا مشقة)
ش : الموت صفة وجودية ، خلافا للفلاسفة ومن وافقهم. قال تعالى : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) الملك : ٢. والعدم لا
__________________
(٥٥) نقص يأتي لازما مثل نقص المال ، ومتعديا كما هو هنا ، والمفعول به محذوف ، وتقديره : ينقص المخيط ماء البحر.
(٥٦) «صحيح مسلم» (٨ / ١٧) ، ورواه احمد أيضا (٥ / ١٦٠).