قوله : (ما زال بصفاته قديما قبل خلقه ، لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته ، وكما كان بصفاته أزليا ، كذلك لا يزال عليها أبديا.).
ش : أي : أن الله سبحانه وتعالى لم يزل متصفا بصفات الكمال : صفات الذات وصفات الفعل. ولا يجوز أن يعتقد أن الله وصف بصفة بعد أن لم يكن متصفا بها ، لان صفاته سبحانه صفات كمال ، وفقدها صفة نقص ، ولا يجوز أن يكون قد حصل له الكمال بعد أن كان متصفا بضده. ولا يرد على هذه صفات الفعل والصفات الاختيارية ونحوها ، كالخلق والتصوير ، والاماتة والاحياء ، والقبض والبسط والطي ، والاستواء والاتيان والمجيء والنزول ، والغضب والرضى ، ونحو ذلك مما وصف به نفسه ووصفه به رسوله ، وان كنا لا ندرك كنهه وحقيقته التي هي تأويله ، ولا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ، ولا متوهمين بأهوائنا ، ولكن أصل معناه معلوم لنا ، كما قال الامام مالك رضي الله عنه ، لما سئل عن قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) الاعراف : ٥٤ وغيرها : كيف استوى؟ فقال : الاستواء معلوم ، والكيف مجهول (٦٦). وان كانت هذه الاحوال تحدث في وقت دون وقت ، كما في حديث الشفاعة : «ان ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله» (٦٧). لأن هذا الحدوث بهذا
__________________
ـ لك الحمد ، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، فلما انصرف قال : من المتكلم؟ قال : أنا ، قال : رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول. ورواه الترمذي (٢ / ٢٥٤ ـ ٢٥٥) والنسائي (١ / ١٤٧) من طريق أخرى عن رفاعة به نحوه بلفظ : «لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها» وقال الترمذي : حديث حسن. قلت : واسناده جيد. وله شاهد من حديث عبد الله ابن أبي أوفى نحوه وفيه : «والله لقد رأيت كلامك يصعد في السماء حتى فتح باب فدخل فيه» ، أخرجه أحمد (٤ / ٣٥٥ و ٣٥٦) وابنه في زوائده ، ورجاله ثقات غير عبد الله بن سعيد ، ذكره ابن حبان في «الثقات» (١ / ١٠٤ ـ ١٠٥).
(٦٦) اقتصر المؤلف من جواب الامام مالك على هذا ، وتتمته : «والايمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة». يعني السؤال عن كيفية الاستواء. وقوله : «معلوم» هذا هو الثابت في جواب مالك رحمهالله ، وأما ما يلهج به بعض المبتدعة انه بلفظ : «مذكور فلا اصل له ، كما بينته في «مختصر العلو» (ص ١٤٢ ـ طبع المكتب الاسلامي).
(٦٧) هو في «الصحيحين» وغيرهما وسيأتي بتمامه. ص ٢٢٩.