الاول (٨٣) : ثبوت الصفات العليا لله سبحانه وتعالى ، سواء علمها العباد أو لا ، وهذا معنى قول من فسرها بالصفة.
الثاني : وجودها في العلم والشعور ، وهذا معنى قول من قال من السلف والخلف : انه ما في قلوب عابديه وذاكريه ، من معرفته وذكره ، ومحبته وجلاله ، وتعظيمه ، وخوفه ورجائه ، والتوكل عليه والانابة إليه. وهذا الذي في قلوبهم من المثل الاعلى لا يشركه فيه غيره أصلا ، بل يختص به في قلوبهم ، كما اختص به في ذاته. وهذا معنى قول من قال من المفسرين : ان معناه : أهل السموات يعظمونه ويحبونه ويعبدونه ، وأهل الارض كذلك ، وان أشرك [به من أشرك] ، وعصاه من عصاه ، وجحد صفاته من جحدها ، فأهل الارض معظّمون له ، مجلّون ، خاضعون لعظمته ، مستكينون لعزته وجبروته. قال تعالى : (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) الروم : ٢٦.
الثالث : ذكر صفاته والخبر عنها وتنزيهها من العيوب والنقائص والتمثيل.
الرابع : محبة الموصوف بها وتوحيده ، والاخلاص له ، والتوكل عليه ، والانابة إليه. وكلما كان الايمان بالصفات أكمل كان هذا الحب والاخلاص [أقوى].
فعبارات السلف كلها تدور على هذه المعاني الاربعة. فمن أضل ممن يعارض بين قوله تعالى : (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى) الروم : ٢٧ وبين قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) الشورى : ١١؟ ويستدل بقوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) على نفي الصفات ويعمى عن تمام الآية وهو قوله : (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الشورى : ١١! حتى أفضى هذا الضلال ببعضهم ، وهو أحمد بن أبي دؤاد القاضي ، الى أن أشار على الخليفة المأمون أن يكتب على ستر الكعبة : ليس كمثله شيء وهو العزيز الحكيم ، حرّف كلام الله لينفي (٨٣١) وصفه تعالى بأنه السميع البصير كما قال الضال الآخر ، جهم بن صفوان : وددت أني أحكّ من المصحف قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) الاعراف : ٥٤ فنسأل الله العظيم السميع البصير أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، بمنه وكرمه.
__________________
(٨٣) هذه الزيادة غير موجودة في الاصل ولا المطبوعة ، ونظم الكلام يقتضيها.
(٨٣١) في المطبوعة : بنفي.