وفي اعراب «كمثله» ـ وجوه ؛ أحدها : [أن] الكاف صلة زيدت للتأكيد ، قال أوس بن حجر :
ليس كمثل الفتى زهير |
|
خلق يوازيه في الفضائل |
وقال آخر : ما أن كمثلهم في الناس من بشر
وقال آخر : وقتلى كمثل جذوع النخيل
فيكون «مثله» خبر «ليس» واسمها «شيء». وهذا وجه قوي حسن ، تعرف العرب معناه في لغتها ، ولا يخفى عنها اذا خوطبت به ، وقد جاء عن العرب أيضا زيادة الكاف للتأكيد في قول بعضهم :
وصاليات ككما يؤثفين (٨٤)
وقول الآخر : فأصبحت مثل كعصف مأكول
الوجه الثاني : أن الزائد مثل أي : ليس كهو شيء ، وهذا القول بعيد ، لان مثل اسم والقول بزيادة الحرف للتأكيد أولى من القول بزيادة الاسم.
الثالث : أنه ليس ثم «زيادة أصلا ، بل هذا من باب قولهم : مثلك لا يفعل كذا ، أي : أنت لا تفعله ، وأتى بمثل للمبالغة ، وقالوا في معنى المبالغة هنا : أي : ليس كمثله مثل لو فرض المثل ، فكيف ولا مثل له. وقيل غير ذلك ، والاول أظهر.
__________________
(٨٤) رجز لخطام المجاشعي ، كما في «اللسان» ثفا. والصاليات : الحجارة المحترقة. و «يؤثفين» : بضم الياء وسكون الهمزة وفتح الثاء المثلثة والفاء وسكون الياء والنون. قال في «اللسان» : «جاء به على الاصل ضرورة. ولو لا ذلك لقال : يثفين. قال الازهري : اراد يثفين ، من أثفى يثفي ، فلما اضطره بناء الشعر رده الى الاصل ، فقال : يؤثفين. لانك اذا قلت : افعل يفعل ـ علمت انه كان في الاصل : يؤفعل ، فحذفت الهمزة لثقلها ، كما حذفوا ألف رأيت من : أرى ، وكان في الأصل : أرأى ، فكذلك من : يرى ، وترى ، ونرى. الاصل فيها : يرأى ، وترأى ، ونرأى. فاذا جاز طرح همزتها وهي اصلية ـ كانت همزة يؤفعل اولى بجواز الطرح ، لأنها ليست من بناء الكلمة في الاصل. وأثفى القدر : جعلها على الاثافي ، وهي الحجارة التي تنصب وتجعل القدر عليها.