الواجب أكمل من الممكن ، ونعلم ضرورة أنا لو فرضنا شيئين ، أحدهما عالم والآخر غير عالم ـ كان العالم أكمل ، فلو لم يكن الخالق عالما لزم أن يكون الممكن أكمل منه ، وهو ممتنع. الثاني : أن يقال : كل علم في الممكنات ، التي هي المخلوقات ـ فهو منه ، ومن الممتنع أن يكون فاعل الكمال ومبدعه عاريا منه بل هو أحق به. والله تعالى له المثل الاعلى ، ولا يستوي هو والمخلوقات ، لا في قياس تمثيلي ، ولا في قياس شمولي ، بل كل ما ثبت للمخلوق من كمال فالخالق به أحق ، وكل نقص تنزه عنه مخلوق ما فتنزيه الخالق عنه أولى.
قوله : (وقدر لهم اقدارا).
ش : قال تعالى : (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً)
وقال تعالى : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) القمر : ٤٩. وقال تعالى : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً قْدُوراً) الاحزاب : ٣٨. وقال تعالى : (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) الاعلى : ٢ ـ ٣. وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «قدّر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والارض بخمسين ألف سنة ، وكان عرشه على الماء» (٨٧).
قوله : (وضرب لهم آجالا)
ش : يعني : أن الله سبحانه وتعالى قدر آجال الخلائق ، بحيث اذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. قال تعالى : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) النحل : ٦١. وقال تعالى : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً) آل عمران : ١٤٥. وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال : «قالت أم حبيبة زوج النبي صلىاللهعليهوسلم ورضي الله عنها : اللهم أمتعني بزوجي رسول الله ، وبأبي سفيان ، وبأخي معاوية ، قال : فقال النبي صلىاللهعليهوسلم ، قد سألت الله لآجال مضروبة ، وأيام معدودة ، وأرزاق مقسومة ، لن يفعل شيئا قبل أجله ، ولن يؤخر شيئا عن أجله ، ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار
__________________
(٨٧) صحيح بسند حديث (رقم ٨٠)
.