وعذاب في القبر ـ : كان خيرا وأفضل» (٨٨) فالمقتول ميت بأجله ، فعلم الله تعالى وقدّر وقضى أن هذا يموت بسبب المرض ، وهذا بسبب القتل ، وهذا بسبب الهدم ، وهذا بسبب الحرق ، وهذا بالغرق ، الى غير ذلك من الاسباب. والله سبحانه خلق الموت والحياة ، وخلق سبب الموت والحياة. وعند المعتزلة : المقتول مقطوع عليه أجله ، ولو لم يقتل لعاش الى أجله فكأن له أجلان وهذا؟؟ ، لأنه لا يليق أن ينسب الى الله تعالى أنه جعل له أجلا يعلم أنه لا يعيش إليه البتة ، أو يجعل أجله أحد الامرين ، كفعل الجاهل بالعواقب ، ووجوب القصاص والضمان على القاتل ، لارتكابه المنهي عنه ومباشرته السبب المحظور. وعلى هذا يخرج قوله صلىاللهعليهوسلم : «صلة الرحم تزيد في العمر» (٨٩) أي : سبب طول العمر. وقد قدّر الله أن هذا يصل رحمه فيعيش بهذا السبب الى هذه الغاية ، ولو لا ذلك السبب لم يصل الى هذه الغاية ، ولكن قدر هذا السبب وقضاه ، وكذلك قدر أن هذا يقطع رحمه فيعيش الى كذا ، كما قلنا في القتل وعدمه.
فإن قيل : هل يلزم من تأثير صلة الرحم في زيادة العمر ونقصانه تأثير الدعاء في ذلك أم لا؟
فالجواب : أن ذلك غير لازم ، لقوله صلىاللهعليهوسلم لأم حبيبة رضي الله عنها : «قد سألت الله تعالى لآجال مضروبة» الحديث ، كما تقدم. فعلم أن الاعمار مقدرة ، لم يشرع الدعاء بتغيرها ، بخلاف النجاة من عذاب الآخرة. فان الدعاء مشروع له نافع فيه ، ألا ترى أن الدعاء بتغيير العمر لما تضمن النفع الاخروي ـ شرع كما في الدعاء رواه النسائي من حديث عمار بن ياسر عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني اذا كانت
__________________
(٨٨) صحيح ، وهو عند مسلم في «القدر» واحمد في المسند (١ / ٣٩٠ ، ٤١٣ ، ٤٣٣ ، ٤٤٥ ، ٤٤٦ ،) وابن أبي عاصم في «السنة» رقم (٢٦٢ ـ ٢٦٣).
(٨٩) صحيح ، وهو قطعة من حديث رواه أبو يعلى عن أنس بسند ضعيف ، لكن معناه صحيح ، يشهد له احاديث كثيرة منها حديث انس أيضا مرفوعا : «من أحب أن يبسط له في رزقه ويسأله في أثره ، فليصل رحمه». متفق عليه.