قوله : (لا راد لقضائه ، ولا معقب لحكمه ، ولا غالب لأمره).
ش : أي : لا يرد قضاء الله راد ، ولا يعقب ، أي لا يؤخر حكمه ، مؤخر ، ولا يغلب أمره غالب ، بل هو الله الواحد القهار.
قوله : (آمنا بذلك كله ، وأيقنا أن كلا من عنده)
ش : أما الايمان فسيأتي الكلام عليه ان شاء الله تعالى. والايقان : الاستقرار ، من قر الماء في الحوض اذا استقر. والتنوين في «كلا» بدل الاضافة (٩٤) ، أي : كل كائن محدث من عند الله ، أي : بقضائه وقدره [وارادته] ومشيئته وتكوينه. وسيأتي الكلام على ذلك في موضعه ، ان شاء الله تعالى.
قوله : (وإن محمدا عبده المصطفى ، ونبيه المجتبى ، ورسوله المرتضى).
ش : الاصطفاء والاجتباء والارتضاء : متقارب المعنى. واعلم أن كمال المخلوق في تحقيق عبوديته لله تعالى. وكلما ازداد العبد تحقيقا للعبودية ازداد كماله وعلت درجته ومن توهم أن المخلوق يخرج عن العبودية بوجه من الوجوه ، وأن الخروج عنها أكمل ، فهو [من] أجهل الخلق وأضلهم ، قال تعالى : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) الأنبياء : ٢٦. الى غير ذلك من الآيات. وذكر الله نبيه صلىاللهعليهوسلم باسم العبد في أشرف المقامات ، فقال في ذكر الاسراء : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ) الاسراء : ١. وقال تعالى : (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ) الجن : ١٩. وقال تعالى : (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) النجم : ١٠. وقال تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا) البقرة : ٢٣. وبذلك استحق التقديم على الناس في الدنيا والآخرة. ولذلك يقول المسيح عليهالسلام يوم القيامة ، اذا طلبوا منه الشفاعة بعد الأنبياء عليهمالسلام ـ : «اذهبوا الى محمد ، عبد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» (٩٥). فحصلت له تلك المرتبة بتكميل عبوديته لله تعالى.
__________________
(٩٤) في المطبوعة : اضافي.
(٩٥) متفق عليه وهو قطعة من حديث سيأتي بطوله في الكتاب (رقم ٢١٠)
.