الرجل يكذب ويتحرى الكذب ، حتى يكتب عند الله كذابا» (٩٨). ولهذا قال تعالى : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ. وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ) الشعراء : ٢٢١ ـ ٢٢٦. فالكهان ونحوهم ، وان كانوا أحيانا يخبرون بشيء من المغيبات ، ويكون صدقا ـ فمعهم من الكذب والفجور ما يبين (٩٩) ان الذي يخبرون به ليس عن ملك ، وليسوا بأنبياء (١٠٠) ولهذا لما قال النبي صلىاللهعليهوسلم لابن صيّاد : «قد خبأت لك خبأ ، فقال : [هو] الدّخّ» ـ قال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «اخسأ ، فلن تعدو قدرك» (١٠١) يعني : إنما أنت كاهن. وقد قال للنبي صلىاللهعليهوسلم : «يأتيني صادق وكاذب» (١٠٢). وقال : «أرى عرشا على الماء» (١٠٣) ، وذلك هو عرش الشيطان وبين ان الشعراء يتبعهم الغاوون ، والغاوي : الذي يتبع هواه وشهوته ، وان كان ذلك مضرا له في العاقبة.
__________________
(٩٨) قال الشيخ أحمد شاكر : الزيادتان ثابتتان في رواية مسلم ٢ : ٢٨٩ ، وكان في المطبوعة «ولا يزال» في الموضعين ، وأثبتنا ما في مسلم أيضا ، لأن الرواية التي نقلها المؤلف أقرب الالفاظ الى رواية مسلم ، من طريق وكيع وأبي معاوية ، كلاهما عن الاعمش. وكذلك رواه احمد : ٤١٠٨ ، عن وكيع وأبي معاوية ، بنحوه. وقد تساهل المؤلف في نسبة الحديث بهذا اللفظ للصحيحين. لان البخاري انما روى بعضه بنحو معناه مختصرا. من طريق آخر. ولعله تبع في ذلك المنذري في الترغيب والترهيب ٤ : ٢٦ ـ ٢٧ ، فقد تساهل أيضا ونسبه للبخاري. انظر فتح الباري ١٠ : ٤٢٢ ـ ٤٢٣.
قال ناصر الدين : صحيح ، وهو في «الادب» من صحيح البخاري مختصرا ، كما ذكر الشيخ شاكر رحمهالله تعالى ، لكنه في «الادب المفرد» له رقم (٣٨٦) أتم منه.
(٩٩) في الاصل : بين.
(١٠٠) الجملة في الاصل : يخبرونه وليس عن ملك وامسوا بأنبياء.
(١٠١) صحيح ، وهو من حديث ابن عمر اخرجاه في الصحيحين.
(١٠٢) صحيح ، وهو قطعة من حديث ابن عمر ، الذي قبله.
(١٠٣) صحيح ، أخرجه مسلم (٨ / ١٩٠) من حديث ابي سعيد الخدري ، وفيه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال له : «ترى عرش ابليس على البحر».