لا يحصل مثل ذلك من كذاب جاهل ، وأن فيما جاءوا به من المصلحة والرحمة والهدى والخير ودلالة الخلق على ما ينفعهم ومنع ما يضرهم ـ ما يبين أنه لا يصدر إلا عن راحم برّ يقصد غاية الخير والمنفعة للخلق.
ولذكر دلائل نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم من المعجزات وبسطها موضع آخر ، وقد أفردها الناس بمصنفات ، كالبيهقي وغيره.
بل إنكار رسالته صلىاللهعليهوسلم طعن في الرب تبارك وتعالى ، ونسبة له الى الظلم والسفه ، تعالى الله عن ذلك (١١٦) علوّا كبيرا ، بل جحد للرب بالكلية وإنكار.
وبيان ذلك : أنه إذا كان محمد عندهم ليس بنبي صادق ، بل ملك ظالم ، فقد تهيأ له أن يفتري على الله ويتقول عليه ، ويستمر حتى يحلل (١١٧) ويحرم ، ويفرض الفرائض ، ويشرع الشرائع وينسخ الملل ، وبضرب الرقاب ، ويقتل أتباع الرسل [وهم] أهل الحق ، ويسبي نساءهم ويغنم أموالهم وذراريهم وديارهم ، ويتم له ذلك حتى يفتح الارض ، وينسب ذلك كله الى أمر الله له به ومحبته له ، والرب تعالى يشاهده وهو يفعل بأهل الحق ، وهو مستمر في الافتراء عليه ثلاثا وعشرين سنة ، وهو مع ذلك كله يؤيده وينصره ، ويعلي أمره ، ويمكّن له من أسباب النصر الخارجة عن عادة البشر ، وأبلغ من ذلك أنه يجيب دعواته ، ويهلك أعداءه ، ويرفع له ذكره ، هذا وهو عندهم في غاية الكذب والافتراء والظلم ، فانه لا أظلم ممن كذب على الله وأبطل شرائع أنبيائه وبدّلها وقتل أولياءه ، واستمرت نصرته عليهم دائما ، والله تعالى يقره على ذلك ، ولا يأخذ منه باليمين ، ولا يقطع منه الوتين فيلزمهم أن يقولوا : لا صانع للعالم ولا مدبر ، ولو كان له مدبر قدير حكيم ، لأخذ على يديه ولقابله أعظم مقابلة ، وجعله نكالا للصالحين. إذ لا يليق [بالملوك : غير ذلك ، فكيف بملك الملوك وأحكم الحاكمين؟ ولا ريب أن الله [تعالى] قد رفع له ذكره ، وأظهر دعوته والشهادة له بالنبوة على رءوس الاشهاد في سائر البلاد ، ونحن لا ننكر أن كثيرا من الكذابين قام في الوجود ، وظهرت له شوكة ، ولكن لم يتم أمره ، ولم تطل مدته ، بل سلط الله
__________________
(١١٦) في الاصل : ذكر.
(١١٧) في الاصل : يتحلل.