الْمُحْسِنِينَ) آل عمران : ١٣٤. (فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) آل عمران : ٧٦. (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) البقرة : ٢٢٢. فبطل قول من خص الخلة بإبراهيم والمحبة بمحمد ، بل الخلة خاصة بهما ، والمحبة عامة. وحديث ابن عباس رضي الله عنهم الذي رواه الترمذي الذي فيه : «إن ابراهيم خليل الله ، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر» (١٣٨) ـ : لم يثبت.
والمحبة مراتب : أولها : العلاقة ، وهي تعلق القلب بالمحبوب. والثانية : الإرادة ، وهي ميل القلب الى محبوبه وطلبه له. الثالثة : الصبابة ، وهي انصباب القلب إليه بحيث لا يملكه صاحبه ، كانصباب الماء في الحدور. الرابعة : الغرام ، وهي الحب اللازم للقلب ، ومنه الغريم ، لملازمته ، ومنه : (إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً) الفرقان : ٦٥. الخامسة : المودة ، والود ، وهي صفو المحبة وخالصها ولبّها ، قال تعالى : (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) مريم : ٩٦. السادسة : الشغف ، وهي وصول المحبة الى شغاف القلب. السابعة : العشق : وهو الحب المفرط الذي يخاف على صاحبه منه ، ولكن لا يوصف به الرب تعالى ولا العبد في محبة ربه ، وان كان قد أطلقه بعضهم. واختلف في سبب المنع ، فقيل : عدم التوقيف ، وقيل غير ذلك. ولعل امتناع اطلاقه : أن العشق محبة مع شهوة. الثامنة : التّيم ، وهو بمعنى التعبد. التاسعة : التعبد. العاشرة : الخلة ، وهي المحبة التي تخللت روح المحب وقلبه. وقيل في ترتيبها غير ذلك. وهذا الترتيب تقريب حسن ، [لا] يعرف حسنه [إلا] بالتأمل في معانيه.
واعلم أن وصف الله تعالى بالمحبة والخلة هو كما يليق بجلال الله تعالى وعظمته ، كسائر صفاته تعالى ، وانما يوصف الله تعالى من هذه الانواع بالارادة والود والمحبة والخلة ، حسبما ورد النص.
وقد اختلف في تحديد المحبة على أقوال ، نحو ثلاثين قولا. ولا تحد المحبة بحد أوضح منها ، فالحدود لا تزيدها الا خفاء. وهذه الاشياء الواضحة لا تحتاج الى تحديد ، كالماء والهواء والتراب والجوع ونحو ذلك.
__________________
(١٣٨) ضعيف ، لضعف زمعة بن صالح وسلمة بن وهرام أيضا.