وإن عبّر عنه بالعربية كان قرآنا ، وإن عبّر عنه بالعبرانية كان توراة ، وهذا قول ابن كلاب ومن وافقه ، كالاشعري وغيره.
ورابعها : أنه حروف وأصوات أزلية مجتمعة في الأزل ، وهذا قول طائفة من أهل الكلام ومن أهل الحديث.
وخامسها : أنه حروف وأصوات ، لكن تكلم الله بها بعد أن لم يكن متكلما ، وهذا قول الكرّامية وغيرهم.
وسادسها : أن كلامه يرجع الى ما يحدثه من علمه وارادته القائم بذاته ، وهذا يقوله صاحب المعتبر ، ويميل إليه الرازي في «المطالب العالية».
وسابعها : أن كلامه يتضمن معنى قائما بذاته هو ما خلقه في غيره ، وهذا قول أبي منصور الماتريدي.
وثامنها : أنه مشترك بين المعنى القديم القائم بالذات وبين ما يخلقه في غيره من الاصوات ، وهذا قول أبي المعالي ومن اتبعه.
وتاسعها : أنه تعالى لم يزل متكلما إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء ، وهو يتكلم به بصوت يسمع ، وأن نوع الكلام قديم وإن لم يكن الصوت المعين قديما ، وهذا المأثور عن أئمة الحديث والسنة.
وقول الشيخ رحمهالله وإن القرآن كلام الله إن بكسر الهمزة ـ عطف على قوله : ان الله واحد لا شريك له ثم قال : وإن محمدا عبده المصطفى. وكسر همزة إن في المواضع الثلاثة ، لانها معمول القول ، أعني قوله في أول كلامه : نقول في توحيد الله.
وقوله : كلام الله منه بدا بلا كيفية قولا : ـ رد على المعتزلة وغيرهم. فإن المعتزلة تزعم أن القرآن لم يبد منه ، كما تقدم حكاية قولهم ، قالوا : وإضافته إليه اضافة تشريف ، كبيت الله ، وناقة الله ، يحرفون الكلام عن مواضعه! وقولهم باطل ، فإن المضاف إلى الله تعالى معان وأعيان ، فإضافة الاعيان الى الله للتشريف ، وهي مخلوقة له ، كبيت الله ، وناقة الله ، بخلاف إضافة المعاني ، كعلم الله ، وقدرته ، وعزته ، وجلاله ، وكبريائه ، وكلامه ، وحياته ، وعلوه ، وقهره ـ فإن هذا كله من صفاته ، لا يمكن أن يكون شيء من ذلك مخلوقا.