الله : أن من قرأ في الصلاة بالفارسية أجزأه ـ فقد رجع عنه ـ وقال : لا يجوز القراءة مع القدرة بغير العربية. وقالوا : لو قرأ بغير العربية إما أن يكون مجنونا فيداوى ، أو زنديقا فيقتل ، لأن الله تكلم به بهذه اللغة ، والإعجاز حصل بنظمه ومعناه.
وقوله : ومن سمعه وقال إنه كلام البشر فقد كفر. لا شك في تكفير من أنكر أن القرآن كلام الله ، بل قال إنه كلام محمد أو غيره من الخلق ، ملكا كان أو بشرا. وأما إذا أقر أنه كلام الله ، ثم أوّل وحرّف ـ فقد وافق قول من قال : «إن هذا إلا قول البشر». في بعض ما به كفر ، وأولئك الذين استزلهم الشيطان ـ وسيأتي الكلام عليه عند قول الشيخ «ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله» إن شاء الله تعالى.
وقوله : ولا يشبه قول البشر ، يعني أنه أشرف وأفصح وأصدق. قال تعالى : (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً) النساء : ٨٧ وقال تعالى : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) ، الاسراء : ٨٨. الآية. وقال تعالى : (قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) يونس : ٣٨. فلما عجزوا ـ وهم فصحاء العرب ، مع شدة العداوة ـ عن الإتيان بسورة مثله ، تبين صدق الرسول صلىاللهعليهوسلم أنه من عند الله. وإعجازه من جهة نظمه ومعناه ، لا من جهة أحدهما فقط. هذا مع أنه قرآن عربي غير ذي عوج بلسان عربي مبين ، أي بلغة العربية. فنفي المشابهة من حيث التكلم ، ومن حيث التكلم به ، ومن حيث النظم والمعنى ، لا من حيث الكلمات والحروف. والى هذا وقعت الاشارة بالحروف المقطعة في اوائل السور ، أي أنه في أسلوب كلامهم وبلغتهم التي يخاطبون بها. ألا ترى أنه يأتي بعد الحروف المقطعة بذكر القرآن؟ كما في قوله تعالى : (الم. ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) البقرة : ١ ـ ٢. (الم. اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) آل عمران : ١ ـ ٣ الآية. (المص. كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) الاعراف : ١ ـ ٢ ، الآية. (الر. تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) يونس : ١ ـ ٢. وكذلك الباقي ينبههم أن هذا الرسول الكريم لم يأتكم بما لا تعرفونه ، بل خاطبكم بلسانكم.
ولكن أهل المقالات الفاسدة يتذرعون بمثل هذا إلى نفي تكلم الله به ، وسماع