الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) النحل : ٨٩. ونظائر ذلك كثيرة في القرآن. فأمر الإيمان بالله واليوم الآخر : إما أن يكون الرسول تكلم فيه بما يدل على الحق أم لا؟ الثاني باطل ، وإن كان قد تكلم [بما يدل] على الحق بألفاظ مجملة محتملة ، فما بلّغ البلاغ المبين ، وقد شهد له خير القرون بالبلاغ ، وأشهد الله عليهم في الموقف الأعظم ، فمن يدعي أنه في أصول الدين لم يبلغ البلاغ المبين ، فقد افترى عليه صلىاللهعليهوسلم.
قوله : (فمن رام علم ما حظر عنه علمه ، ولم يقنع بالتسليم فهمه ، حجبه مرامه عن خالص التوحيد ، وصافي المعرفة ، وصحيح الإيمان).
ش : هذا تقرير للكلام الاول ، وزيادة تحذير أن يتكلم في أصول الدين ـ بل وفي غيرها ـ بغير علم. وقال تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ، إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) الاسراء : ٣٦. وقال تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ. كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) الحج : ٣ ـ ٤. وقال تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ. ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ) الحج : ٨ ـ ٩. وقال تعالى : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) القصص : ٥٠. وقال تعالى : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ ، وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى) النجم : ٢٣. الى غير ذلك من الآيات لدالة على هذا المعنى.
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل» ثم تلا : (ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً) (١٧٥) الزخرف : ٥٨. رواه الترمذي ، وقال : حديث حسن. وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ان أبغض الرجال الى الله الألد الخصم». خرجاه في «الصحيحين».
__________________
(١٧٥) حسن كما قال الترمذي. «المشكاة» (١٨٠) و «صحيح الترغيب» (رقم ١٣٧).