طلب غريب الحديث كذب. وقال الشافعي رحمهالله : حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال ، ويطاف بهم في القبائل والعشائر ، ويقال : هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام. وقال : لقد اطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننت مسلما يقوله ، ولأن يبتلى العبد بكل ما نهى الله عنه ـ ما خلا الشرك بالله ـ خير له من أن يبتلى بالكلام. انتهى.
وتجد أحد هؤلاء عند الموت يرجع إلى مذهب العجائز ، فيقر بما أقروا به ويعرض عن تلك الدقائق المخالفة لذلك ، التي كان يقطع بها ، ثم تبين له فسادها ، أو لم يتبين له صحتها ، فيكونون في نهاياتهم ـ إذا سلموا من العذاب ـ بمنزلة أتباع أهل العلم من الصبيان والنساء والأعراب.
والدواء النافع لمثل هذا المرض ، ما كان طبيب القلوب صلوات الله وسلامه عليه يقوله ـ إذا قام من الليل يفتتح الصلاة ـ : «اللهم ربّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» (١٧٧). خرجه مسلم. توجه صلىاللهعليهوسلم إلى ربه بربوبية جبرائيل وميكائيل وإسرافيل أن يهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه ، إذ حياة القلب بالهداية. وقد وكل الله سبحانه هؤلاء الثلاثة بالحياة : فجبرائيل موكل بالوحي الذي هو سبب حياة القلوب ، وميكائيل بالقطر الذي هو سبب حياة الأبدان وسائر الحيوان ، وإسرافيل بالنفخ في الصور الذي هو سبب حياة العالم وعود الأرواح إلى أجسادها. فالتوسل الى الله سبحانه بربوبية هذه الأرواح العظيمة الموكلة بالحياة ، له تأثير عظيم في حصول المطلوب. والله المستعان.
قوله : (ولا يصح الايمان بالرؤية لأهل دار السلام لمن اعتبرها منهم بوهم ، أو تأولها بفهم ، اذ كان تأويل الرؤية ـ وتأويل كل معنى يضاف الى الربوبية ـ بترك التأويل ، ولزوم التسليم ، وعليه دين المسلمين ، ومن لم يتوقّ النفي والتشبيه ، زل ولم يصب التنزيه).
__________________
(١٧٧) صحيح ، ورواه أبو عوانة أيضا في «صحيحه».