الشيخان أو أحدهما ، فأقول مثلا : «صحيح ، أخرجه الشيخان». أو «صحيح ، أخرجه البخاري» ، أو «صحيح ، رواه مسلم» ، ونحو ذلك. ولكن لم يطرد لي ذلك في كل أحاديثهما ، بل وقع هذا التصريح في بعضها دون بعض.
وكان قد بلغني عن بعضهم أنه استشكل أو استنكر هذا التصريح ، فحملني ذلك على أن كتبت كلمة في المقدمة التي سبقت الإشارة إليها ، أدفع بها الاستشكال المشار إليه ، فقلت فيها ما نصه :
«يلاحظ القارئ الكريم أن كثيرا من الأحاديث التي جاءت في الكتاب معزوّة إلى «الصحيحين» أو أحدهما ، قد علقنا عليه بقولنا : «صحيح». وتارة نقول : «صحيح ، متفق عليه» ، أو «صحيح ، رواه البخاري» ، أو «صحيح ، رواه مسلم» وذلك حين يكون الحديث غير مخرّج في الكتاب ، فالذي نريد بيانه حول ذلك ، أنه قد يقول قائل : إن الجمع بين «صحيح» و «متفق عليه» ونحوه ، اصطلاح غير معروف ، وقد يتوهم فيه البعض أن أحاديث «الصحيحين» كأحاديث «السنن» وغيرها من الكتب التي تجمع الصحيح والضعيف من الحديث ولم يفرد للصحيح فقط.
وجوابا على ذلك نقول :
إن الذي دعانا إلى هذا الاصطلاح ، إنما هو شيء واحد ، ألا وهو رغبتنا في إيقاف القارئ بأقرب طريق على درجة الحديث بعبارة قصيرة صريحة ، مثل قولنا : «صحيح» ، جرينا على هذا في كل حديث صحيح ، ولو كان من المتفق عليه ، لما ذكرنا ، ولسنا نعني بذلك ما أشرنا إليه مما قد يتوهمه البعض. كيف والصحيحان هما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى باتفاق علماء المسلمين من المحدثين وغيرهم ، فقد امتازا على غيرهما من كتب السنة بتفردهما بجمع أصح الأحاديث الصحيحة ، وطرح الأحاديث الضعيفة والمتون المنكرة ، على قواعد متينة ، وشروط دقيقة ، وقد وفّقوا في ذلك توفيقا بالغا لم يوفق إليه من بعدهم ممن نحا نحوهم في جمع الصحيح ، كابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم ، وغيرهم حتى صار عرفا عاما أن الحديث إذا أخرجه الشيخان أو أحدهما ، فقد جاوز القنطرة ، ودخل في طريق