المقدس تلك الليلة الى السماء الدنيا ، فاستفتح له جبرائيل ، ففتح لهما ، فرأى هناك آدم أبا البشر ، فسلم عليه ، فرحب به ورد عليهالسلام ، وأقرّ بنبوته ، ثم عرج [به] الى السماء الثانية. فاستفتح له ، فرأى فيها يحيى ابن زكريا وعيسى ابن مريم ، فلقيهما ، فسلم عليهما ، فردّا عليهالسلام ، ورحبا به ، وأقرّا بنبوته ثم عرج [به] الى السماء الثالثة ، فرأى فيها يوسف ، فسلم عليه ورحب به وأقر بنبوته ، ثم عرج [به] الى السماء الرابعة ، فرأى فيها إدريس ، فسلم عليه ورحب به وأقر بنبوته ، ثم عرج [به] الى السماء الخامسة ، فرأى فيها هارون بن عمران ، فسلم عليه ورحب به وأقر بنبوته ، ثم عرج الى السماء السادسة ، فلقي فيها موسى فسلم عليه ورحب به وأقر بنبوته ، فلما جاوزه بكى موسى ، فقيل له : ما يبكيك؟ قال : أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي ، ثم عرج الى السماء السابعة ، فلقي فيها إبراهيم ، فسلم عليه ورحب به وأقر بنبوته ، ثم رفع الى سدرة المنتهى ، ثم رفع له البيت المعمور ، ثم عرج به الى الجبّار ، جل جلاله وتقدست أسماؤه ، فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى الى عبده ما أوحى ، وفرض عليه خمسين صلاة ، فرجع حتى مر على موسى ، فقال : بم أمرت؟ قال : بخمسين صلاة ، فقال : [إن] أمتك لا تطيق ذلك ، ارجع الى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، فالتفت الى جبرائيل كأنه يستشيره في ذلك ، فأشار : أن نعم ، إن شئت ، فعلا به جبرائيل حتى أتى به [الى] الجبار تبارك وتعالى وهو في مكانه ـ هذا لفظ البخاري في صحيحه وفي بعض الطرق ـ فوضع عنه عشرا ، ثم نزل حتى مر بموسى ، فأخبره ، فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله تبارك وتعالى ، حتى جعلها خمسا ، فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف ، فقال : قد استحييت من ربي ، ولكن أرضى وأسلّم ، فلما نفذ ، نادى مناد : قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي (١٩٠).
__________________
(١٩٠) حديث الاسراء صحيح ، وهو ملتقط من أحاديث متفرقة ، غير ان الدنو المذكور في هذا السياق هو من رواية شريك بن عبد الله ابن أبي نمر الذي غلطه الحفاظ في الفاظ من حديث الاسراء كما ذكر المؤلف آنفا ، ومن ذلك هذا اللفظ كما بينه الحافظ ابن كثير في تفسير (الاسراء). ومن قبله البيهقي في «الاسماء والصفات» (ص ٤٤٠ ـ ٤٤٢).