قوله : (والحوض ـ الذي أكرمه الله تعالى به غياثا لأمته ـ حق).
ش : الأحاديث الواردة في ذكر الحوض تبلغ حد التواتر ، رواها من الصحابة بضع وثلاثون صحابيّا ، ولقد استقصى طرقها شيخنا الشيخ عماد الدين ابن كثير ، تغمده الله برحمته ، في آخر تاريخه الكبير ، المسمى ب «البداية والنهاية». فمنها : ما رواه البخاري رحمهالله تعالى ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن قدر حوضي كما بين أيلة الى صنعاء من اليمن ، وان فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء» (١٩٢). وعنه أيضا عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ليردنّ عليّ ناس من أصحابي ، حتى اذا عرفتهم اختلجوا دوني ، فأقول : أصحابي ، فيقول : لا تدري ما أحدثوا بعدك» (١٩٣). رواه مسلم. وروى الإمام أحمد عن أنس بن مالك ، قال : أغفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم إغفاءة ، فرفع رأسه مبتسما ، إما قال لهم ، وإما قالوا له : لم ضحكت؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنه أنزلت عليّ آنفا سورة ، فقرأ : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) الكوثر : ١ ، حتى ختمها ، ثم قال لهم : هل تدرون ما الكوثر؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هو نهر أعطانيه ربي عزوجل في الجنة ، عليه خير كثير ، ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد الكواكب ، يختلج العبد منهم ، فأقول : يا رب إنه من أمتي ، فيقال لي : انك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (١٩٤). ورواه مسلم ، ولفظه : «هو نهر وعدنيه ربي ، عليه خير كثير ، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة» ، والباقي مثله. ومعنى ذلك أنه يشخب فيه ميزابان من ذلك الكوثر إلى الحوض ، والحوض في العرصات
__________________
(١٩٢) صحيح ، وروى منه أحمد (٣ / ٢٢٥ ، ٢٣٨) بإسنادين صحيحين الشطر الثاني ، وزاد في أحدهما «اباريق الذهب والفضة» وهو رواية لمسلم ، ورواه البخاري أيضا (٤ / ٢٤٨) بتمامه.
(١٩٣) صحيح ، ورواه البخاري أيضا (٤ / ٢٤٨ ، ٢٤٩) فلو عزاه إليه المؤلف لكان أولى ، فإن اللفظ له ، ولفظ مسلم (٧ / ٧٠ ـ ٧١) بنحوه.
(١٩٤) صحيح ، وهو في «المسند» (٣ / ١٠٢) بسند صحيح على شرط مسلم ، وقد أخرجه في «صحيحه» كما ذكر المؤلف.