الصحة والسلامة. ولا ريب في ذلك ، وأنه هو الأصل عندنا ، وليس معنى ذلك أن كل حرف أو لفظة أو كلمة في «الصحيحين» هو بمنزلة ما في «القرآن» لا يمكن أن يكون فيه وهم أو خطأ في شيء من ذلك من بعض الرواة ، كلا فلسنا نعتقد العصمة لكتاب بعد كتاب الله تعالى أصلا ، فقد قال الإمام الشافعي وغيره «أبى الله أن يتم إلا كتابه» ، ولا يمكن أن يدّعي ذلك أحد من أهل العلم ممن درسوا الكتابين دراسة تفهم وتدبر مع نبذ التعصب ، وفي حدود القواعد العلمية الحديثة ، لا الأهواء الشخصية ، أو الثقافة الأجنبية عن الاسلام وقواعد علمائه ، فهذا مثلا حديثهما الذي أخرجاه باسنادهما عن ابن عباس «أن النبي صلىاللهعليهوسلم تزوج ميمونة وهو محرم» فإن من المقطوع به أنه صلىاللهعليهوسلم تزوج ميمونة وهو غير محرم ، ثبت ذلك عن ميمونة نفسها. ولذلك قال العلامة المحقق محمد بن عبد الهادي في «تنقيح التحقيق» (٢ / ١٠٤ / ١) وقد ذكر حديث ابن عباس :
«وقد عد هذا من الغلطات التي وقعت في «الصحيح» ، وميمونة : أخبرت أن هذا ما وقع ، والانسان أعرف بحال نفسه ...» انظر الحديث (١٠٣٧) من «إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل».
وعلى الرغم من هذا البيان القاضي على الإشكال ، فقد علمت في هذه الأيام أن أحد أعداء عقيدة أهل السنة والجماعة من متعصبة الحنفية ـ قد رفع تقريرا إلى بعض المراجع المسئولة في الدولة السعودية التي هو مدرس في بعض معاهدها ؛ يحط فيه من قيمة هذا التخريج ، وينسب إليّ ما لم يخطر لي على بال ، فرأيت أن ألخص هنا مآخذه علي ، لأعود بعد ذلك ، فأكر عليها بالرد والنقض. ويمكن تلخيصها في خمسة أمور.
الأول : قولي فيما عزاه المصنف للشيخين أو أحدهما : «صحيح» وقولي احيانا : «صحيح ، أخرجه مسلم» أو «صحيح ، متفق عليه». وأحيانا لا أقول في كل ذلك : «صحيح» : فاستنتج المتعصب المشار إليه ما أفصح عنه بقوله :
«وما لم يقل فيه ذلك يكون متوقفا فيه تحت النظر والمراجعة له فيه حتى يأتي هو بحكمه ، فجاء بشيء لم يسبقه إليه المتقدمون ولا المتأخرون!».