الأبواب ، ثم قال : والذي نفسي بيده ، لما بين مصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر ، أو كما بين مكة وبصرى» (١٩٨).
أخرجاه في «الصحيحين» بمعناه ، واللفظ للإمام أحمد.
والعجب كل العجب ، من إيراد الأئمة لهذا الحديث من أكثر طرقه ، لا يذكرون أمر الشفاعة الأولى ، في مأتى الرب سبحانه وتعالى لفصل القضاء ، كما ورد هذا في حديث الصّور (١٩٩) ، فإنه المقصود في هذا المقام ، ومقتضى سياق أول الحديث. فإن الناس إنما يستشفعون الى آدم فمن بعده من الأنبياء في أن يفصل بين الناس ويستريحوا من مقامهم ، كما دلت عليه سياقاته من سائر طرقه ، فإذا وصلوا الى الجزاء إنما يذكرون الشفاعة في عصاة الأمة وإخراجهم من النار. وكان مقصود السلف ـ في الاقتصار على هذا المقدار من الحديث ـ هو الرد على الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة ، الذين أنكروا خروج أحد من النار بعد دخولها ، فيذكرون هذا القدر من الحديث الذي فيه النص الصريح في الرد عليهم ، فيما ذهبوا إليه من البدعة المخالفة للأحاديث. وقد جاء التصريح بذلك في حديث الصور ، ولو لا خوف الإطالة لسقته بطوله ، لكن من مضمونه : أنهم يأتون آدم ثم نوحا ، ثم إبراهيم ، ثم موسى ، ثم عيسى ، ثم يأتون رسول الله محمدا صلىاللهعليهوسلم ، فيذهب فيسجد تحت العرش في مكان يقال له : الفحص ، فيقول الله : ما شأنك؟ وهو أعلم ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأقول : يا رب ، وعدتني الشفاعة ، فشفّعني ، في خلقك ، فاقض بينهم ، فيقول سبحانه وتعالى : شفّعتك ، أنا آتيكم فأقضي بينهم ، قال : فأرجع فأقف مع الناس ، ثم ذكر انشقاق السموات ، وتنزل الملائكة في الغمام ، ثم يجيء الرب سبحانه وتعالى لفصل القضاء ، والكروبيون والملائكة المقربون يسبحون بأنواع التسبيح ، قال : فيضع الله كرسيه حيث شاء من أرضه ، ثم يقول : إني أنصتّ لكم منذ خلقتكم الى يومكم هذا أسمع أقوالكم ، وأرى أعمالكم ، فأنصتوا
__________________
(١٩٨) صحيح ، وهو في «المسند» (٢ / ٤٣٥) بسند «الصحيحين» ، وهو مخرج في «ظلال الجنة» في تخريج السّنة (٨١١).
(١٩٩) يأتي ذكر خلاصته بعد سطور.