ارفع رأسك ، وقل يسمع ، واشفع تشفع ، فأقول : ربي : أمتي ، فيحدّ لي حدّا ، فأدخلهم الجنة ، ثم أنطلق فأسجد ، فيحد لي حدّا» (٢١٠) ذكرها ثلاث مرات.
وأما الاستشفاع بالنبي صلىاللهعليهوسلم وغيره في الدنيا الى الله تعالى في الدعاء ، ففيه تفصيل : فإن الداعي تارة يقول : بحق نبيّك أو بحق فلان ، يقسم على الله بأحد من مخلوقاته ، فهذا محذور من وجهين : أحدهما : أنه أقسم بغير الله. والثاني : اعتقاده أنّ لأحد على الله حقّا. ولا يجوز الحلف بغير الله ، وليس لأحد على الله حق إلا ما أحقه على نفسه ، كقوله تعالى : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) الروم : ٤٧. وكذلك ما ثبت في «الصحيحين» من صلىاللهعليهوسلم لمعاذ رضي الله عنه ، وهو رديفه : «يا معاذ ، أتدري ما حقّ الله على عباده؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : حقه عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، أتدري ما حقّ العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : حقّهم عليه أن لا يعذبهم» (٢١١). فهذا حق وجب بكلماته التامة ووعده الصادق ، لا أن العبد نفسه مستحق على الله شيئا كما يكون للمخلوق على المخلوق ، فإن الله هو المنعم على العباد بكل خير ، وحقهم الواجب بوعده هو أن لا يعذبهم ، وترك تعذيبهم معنى لا يصلح أن يقسم به ، ولا أن يسأل بسببه ويتوسل به ، لأن السبب هو ما نصبه الله سببا. وكذلك الحديث الذي في «المسند» من حديث أبي سعيد عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، في قول الماشي الى الصلاة : «أسألك بحق ممشاي هذا ، وبحق السائلين عليك» (٢١٢) ، فهذا حق السائلين ، هو أوجبه على نفسه ، فهو الذي أحق للسائلين أن يجيبهم ، وللعابدين أن يثيبهم ، ولقد أحسن القائل :
ما للعباد عليه حق واجب |
|
كلّا ، ولا سعي لديه ضائع |
إن عذبوا فبعدله ، أو نعّموا |
|
فبفضله وهو الكريم السامع |
__________________
(٢١٠) متفق عليه من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٢١١) متفق عليه. حديث ابن عباس خرجته في «الارواء» (٨٥٥).
(٢١٢) ضعيف ، وقد فصلت القول في ذلك في «سلسلة الاحاديث الضعيفة» (رقم ٢٤).