من طريق أخرى : قد سألتك أقل من ذلك وأيسر فلم تفعل ، فيرد الى النار. وليس فيه : في ظهر آدم. وليس في الرواية الأولى إخراجهم من ظهر آدم على الصفة التي ذكرها أصحاب القول الأول.
بل القول الأول متضمن (٢٢٨) لأمرين عجيبين : أحدهما : كون الناس تكلموا حينئذ وأقروا بالإيمان وأنه بهذا تقوم الحجة عليهم يوم القيامة. والثاني : أن الآية دلت على ذلك ، والآية لا تدل عليه لوجوه : أحدها : أنه قال : «من بني آدم» ، ولم يقل : من آدم. الثاني : أنه قال : «من ظهورهم» ، ولم يقل : من ظهره ، وهذا بدل بعض ، أو بدل اشتمال ، وهو أحسن. الثالث : أنه قال : «ذرياتهم» ولم يقل : ذريته. الرابع : أنه قال : «وأشهدهم على أنفسهم» ، ولا بد أن يكون الشاهد ذاكرا لما شهد به ، وهو إنما يذكر شهادته بعد خروجه الى هذه الدار ـ كما تأتي الاشارة الى ذلك ـ لا يذكر شهادة قبله. الخامس : أنه سبحانه أخبر أن حكمة هذا الإشهاد إقامة للحجة عليهم ، لئلا يقولوا يوم القيامة : (إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) ، والحجة انما قامت عليهم بالرسل والفطرة التي فطروا عليها ، كما قال تعالى : (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) النساء : ١٦٥. السادس : تذكيرهم بذلك ، لئلا يقولوا يوم القيامة : (إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) الاعراف : ١٧٢ ، ومعلوم أنهم غافلون عن الإخراج لهم من صلب آدم كلهم وإشهادهم جميعا ذلك الوقت ، فهذا لا يذكره أحد منهم. السابع : قوله تعالى : (أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ) الاعراف : ١٧٣ ، فذكر حكمتين في هذا الإشهاد (٢٢٩) : لئلا يدعوا الغفلة ، أو يدّعوا التقليد ، فالغافل لا شعور له ، والمقلد متبع في تقليده لغيره. ولا تترتب هاتان الحكمتان إلا على ما قامت به الحجة من الرسل والفطرة. الثامن : قوله :
__________________
ـ هذا الحديث زيادات اخرى وقد جمعتها في الحديث وخرجته في «سلسلة الاحاديث الصحيحة» (رقم ١٧٢) ثم تبينت أن الطريق الأخرى ليست هي التي عند الشيخين ، وإنما هي عند أحمد والحاكم بإسناد صحيح على شرط مسلم باللفظ الذي ذكره المؤلف حرفا بحرف ، وهي في الصحيحة (٣٠٠٨).
(٢٢٨) في الأصل يتضمن.
(٢٢٩) في الاصل : الاخذ الاشهاد.