القلم الأول : العام الشامل لجميع المخلوقات ، وهو الذي تقدم ذكره مع اللوح.
القلم الثاني : خبر (٢٧٥) خلق آدم ، وهو قلم عام أيضا ، لكن لبني آدم ، ورد في هذا آيات تدل على أن الله قدّر أعمال بني آدم وأرزاقهم وآجالهم وسعادتهم ، عقيب خلق أبيهم.
القلم الثالث : حين يرسل الملك إلى الجنين في بطن أمه ، فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أو سعيد (٢٧٦). كما ورد ذلك في الأحاديث الصحيحة.
القلم الرابع : الموضوع على العبد عند بلوغه ، الذي بأيدي الكرام الكاتبين ، الذين يكتبون ما يفعله بنو آدم ، كما ورد ذلك في الكتاب والسنة.
واذا علم العبد أن كلّا من عند الله ، فالواجب إفراده سبحانه بالخشية والتقوى. قال تعالى : (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) المائدة : ٤٤. (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) البقرة : ٤٠. (وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) البقرة : ٤١. (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ) النور : ٥٢. (هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) المدثّر : ٥٦.
ونظائر هذا المعنى في القرآن كثيرة. ولا بد لكل عبد أن يتقي أشياء ، فإنه لا يعيش وحده ، ولو كان ملكا مطاعا فلا بد أن يتقي أشياء يراعي بها رعيته. فحينئذ فلا بد لكل إنسان أن يتقي ، فإن لم يتق الله اتقى المخلوق ، والخلق لا يتفق حبهم كلهم وبغضهم ، بل الذي يريده هذا يبغضه هذا ، فلا يمكن إرضاؤهم كلهم ، كما قال الشافعي رضي الله عنه : رضى الناس غاية لا تدرك ، فعليك بالأمر الذي يصلحك فالزمه ، ودع ما سواه فلا تعانه. فإرضاء الخلق لا مقدور ولا مأمور ، وإرضاء الخالق مقدور (٢٧٧) ومأمور. [و] أيضا فالمخلوق لا يغني عنه من الله شيئا ، فإذا اتقى العبد ربّه كفاه مئونة الناس. كما كتبت عائشة الى معاوية ، روي
__________________
(٢٧٥) في الأصل : حين.
(٢٧٦) متفق عليه من حديث ابن مسعود ، وقد مضى بتمامه (برقم ٢٤٢).
(٢٧٧) في الأصل : فمقدور.