مجوس هذه الأمة ، إن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم» (٢٨٤). وروى أبو داود أيضا عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لكل أمة مجوس ، ومجوس هذه الأمة الذين يقولون : لا قدر ، من مات منهم فلا تشهدوا جنازته ، ومن مرض منهم فلا تعودوهم ، وهم شيعة الدجال ، وحق على الله أن يلحقهم بالدجال» (٢٨٥). وروى أبو داود أيضا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، قال : «لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم» (٢٨٦). وروى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «صنفان من بني آدم ليس لهم في الإسلام نصيب : المرجئة والقدرية» (٢٨٧). لكن كل أحاديث القدرية المروعة ضعيفة. وإنما يصح الموقوف منها : فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : القدر نظام التوحيد ، فمن وحّد الله وكذّب بالقدر نقض تكذيبه توحيده» (٢٨٨). وهذا لأن الإيمان بالقدر يتضمن الايمان بعلم الله القديم وما أظهر من علمه الذي لا يحاط به وكتابة مقادير الخلائق. وقد ضل في هذا الموضع خلائق من المشركين والصابئين والفلاسفة وغيرهم ، ممن ينكر علمه بالجزئيات أو بغير ذلك ، فإن ذلك كله مما يدخل في التكذيب بالقدر. وأما قدرة الله على كل شيء فهو الذي يكذب به القدرية جملة ، حيث جعلوه لم يخلق أفعال العباد ، فأخرجوها عن قدرته وخلقه.
والقدر ، الذي لا ريب في دلالة الكتاب والسنة والإجماع عليه ، وأن الذي جحدوه هم القدرية المحضة بلا نزاع : هو ما قدّره الله من مقادير العباد. وعامة ما
__________________
(٢٨٤) اسناده ضعيف لكن له طرق يتقوى بها. ثم خرجته في «ظلال الجنة في تخريج السنة» برقم (٣٣٨ ـ ٣٤٢).
(٢٨٥) اسناده ضعيف. وقد خرجته في المصدر المذكور برقم (٣٢٩).
(٢٨٦) اسناده ضعيف ، وهو مخرج في «المشكاة» (١٠٨) و «الظلال» (٣٣٠).
(٢٨٧) اسناده ضعيف ولا يغتر بتصحيح صاحب «التاج الجامع للأصول» اياه. ثم خرجته في «تخريج السنة» (٣٤٤ ، ٣٤٥).
(٢٨٨) ضعيف موقوفا ومرفوعا كما سبق بيانه (رقم ٢٤٥).