مسئولون عني ، فما ذا أنتم قائلون؟ قالوا : نشهد أنك قد بلّغت وأدّيت ونصحت» (٣١٩) ، فرفع إصبعه الكريمة الى السماء رافعا لها إلى من هو فوقها وفوق كل شيء ، قائلا : «اللهم أشهد». فكأنّا نشاهد تلك الأصبع الكريمة وهي مرفوعة الى الله ، وذلك اللسان الكريم وهو يقول لمن رفع إصبعه إليه : «اللهم أشهد» ، ونشهد أنه بلّغ البلاغ المبين ، وأدى رسالة ربه كما أمر ، ونصح أمته غاية النصيحة ، فلا يحتاج مع بيانه وتبليغه وكشفه وإيضاحه إلى تنطّع المتنطّعين ، وحذلقة المتحذلقين! والحمد لله رب العالمين. الرابع عشر : التصريح بلفظ : «الأين» كقول أعلم الخلق به ، وأنصحهم لأمته ، وأفصحهم بيانا عن المعنى الصحيح ، بلفظ لا يوهم باطلا بوجه : «أين الله» (٣٢٠) ، في غير موضع. الخامس عشر : شهادته صلىاللهعليهوسلم لمن قال إن ربه في السماء ـ بالإيمان. السادس عشر : إخباره تعالى عن فرعون أنه رام الصعود الى السماء ، ليطلّع الى إله موسى فيكذبه فيما أخبره من أنه سبحانه فوق السموات ، فقال : (يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً) المؤمن : ٣٦. فمن نفى العلو من الجهمية فهو فرعوني ، ومن أثبته فهو موسوي محمدي. السابع عشر : إخباره صلىاللهعليهوسلم : أنه تردد بين موسى عليهالسلام وبين ربه ليلة المعراج بسبب تخفيف الصلاة ، فيصعد إلى ربه ثم يعود الى موسى عدة مرار (٣٢١). الثامن عشر : النصوص الدالة على رؤية أهل الجنة له تعالى ، من الكتاب والسنة ، وإخبار النبي
__________________
(٣١٩) صحيح ، وهو قطعة من حديث جابر الطويل في حجة النبي صلىاللهعليهوسلم. رواه مسلم وأبو داود والدارمي وابن ماجه وغيرهم وقد افردته في جزء لطيف ، وضممت إليه كل ما وقع لي من الروايات والزيادات الثابتة عن جابر رضي الله عنه في سياق واحد ، وعلقت عليه بتعليقات مفيدة. وقد طبع مرات في المكتب الاسلامي العامر.
(٣٢٠) صحيح ، رواه مسلم (٢ / ٧١) وغيره عن معاوية بن الحكم السلمي ان النبي صلىاللهعليهوسلم قال للجارية : أين الله؟ قالت : في السماء ، قال : من أنا؟ قالت : أنت رسول الله ، قال : اعتقها فإنها مؤمنة. وهو مخرج في «الظلال» (٤٨٩ و ٤٩٠) وفي «مختصر العلو» (ص ٨١) ، وقال الذهبي فيه : «حديث صحيح أخرجه مسلم ..».
(٣٢١) متفق عليه. انظر سياقه في «مختصر العلو» (رقم ١٧).