صلىاللهعليهوسلم أنهم يرونه كرؤية الشمس والقمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ، فلا يرونه إلا من فوقهم ، كما قال صلىاللهعليهوسلم : «بينا أهل الجنة في نعيمهم ، إذ سطع لهم نور ، فرفعوا رءوسهم ، فإذا الجبار جل جلاله قد أشرف عليهم من فوقهم ، وقال : يا أهل الجنة ، سلام عليكم ، ثم قرأ قوله تعالى : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) يس : ٥٨. ثم يتوارى عنهم ، وتبقى رحمته وبركته عليهم في ديارهم» (٣٢٢) رواه الإمام أحمد في «المسند» ، وغيره ، من حديث جابر رضي الله عنه. ولا يتم إنكار الفوقية إلا بإنكار الرؤية. ولهذا طرد الجهمية الشقين (٣٢٣) ، وصدّق أهل السنة بالأمرين معا ، وأقروا بهما ، وصار من أثبت الرؤية ونفى العلوّ مذبذبا بين ذلك ، لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء! وهذه الأنواع من الأدلة لو بسطت أفرادها لبلغت نحو ألف دليل ، فعلى المتأول أن يجيب عن ذلك كله! وهيهات له بجواب صحيح عن بعض ذلك! وكلام السلف في إثبات صفة العلو كثير جدّا : فمنه : ما روى شيخ الاسلام أبو اسماعيل الأنصاري في كتابه الفاروق ، بسنده الى مطيع البلخي : أنه سأل أبا حنيفة عمن قال : لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض؟ فقال : قد كفر ، لأن الله يقول : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) طه : ٥ وعرشه فوق سبع سماواته ، قلت : فإن قال : إنه على العرش ، ولكن يقول : لا أدري العرش في السماء أم في الأرض؟ قال : هو كافر ، لأنه أنكر أنه في السماء ، فمن أنكر أنه في السماء فقد كفر. وزاد غيره : لأن الله في أعلى عليين ، وهو يدعى من أعلى ، لا من أسفل. انتهى. ولا يلتفت الى من أنكر ذلك ممن ينتسب الى مذهب أبي حنيفة ، فقد انتسب إليه طوائف معتزلة وغيرهم ، مخالفون له في كثير من اعتقاداته. وقد ينتسب الى مالك والشافعي وأحمد من يخالفهم في [بعض] اعتقاداتهم. وقصة أبي يوسف في استتابة بشر المريسي ، لما أنكر أن يكون الله عزوجل فوق العرش ـ : مشهورة. رواها عبد الرحمن بن أبي حاتم وغيره.
ومن تأول «فوق» ، بأنه خير من عباده وأفضل منهم ، وأنه خير من العرش
__________________
(٣٢٢) ضعيف ، وتقدم بالحديث (رقم ١٤١).
(٣٢٣) في الاصل : النفيين.