الذي به حياة القلوب والأرواح ، وميكائيل موكل بالقطر الذي به حياة الأرض والنبات والحيوان ، وإسرافيل موكل بالنفخ في الصور الذي به حياة الخلق بعد مماتهم. فهم رسل الله في خلقه وأمره ، وسفراؤه بينه وبين عباده ، ينزلون الأمر من عنده في أقطار العالم ، ويصعدون إليه بالأمر ، قد أطّت السموات بهم ، وحقّ لها أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك قائم أو راكع أو ساجد لله ، ويدخل البيت المعمور منهم كل يوم سبعون ألفا لا يعودون إليه آخر ما عليهم. والقرآن مملوء بذكر الملائكة وأصنافهم ومراتبهم ، فتارة يقرن الله تعالى اسمه باسمهم ، وصلاته بصلاتهم ، ويضيفهم إليه في مواضع التشريف ، وتارة يذكر حفّهم بالعرش وحملهم له ، ومراتبهم من الدنو (٣٤٤) ، وتارة يصفهم بالإكرام والكرم ، والتقريب والعلو والطهارة والقوة والإخلاص. قال تعالى : (كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) البقرة : ٢٨٥. (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ) آل عمران : ١٨. (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) الاحزاب : ٤٣. (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) غافر : ٧. (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) الزمر : ٧٥. (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) الأنبياء : ٢٦. (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) الاعراف : ٢٠٦. (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) فصلت : ٣٨. (كِراماً كاتِبِينَ) الانفطار : ١١. (كِرامٍ بَرَرَةٍ) عبس : ١٦. (يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) المطففين : ٢١. (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) الصافات : ٨. وكذلك الأحاديث النبوية طافحة بذكرهم. فلهذا كان الإيمان بالملائكة أحد الأصول الخمسة التي هي أركان الإيمان.
وقد تكلم الناس في المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر ، وينسب الى أهل السنة تفضيل صالحي البشر والأنبياء فقط على الملائكة ، والى المعتزلة تفضيل
__________________
(٣٤٤) في الاصل : وبراءتهم من الذنوب.