للنبي صلىاللهعليهوسلم! أو : أن بعض الملائكة خدّام بني آدم!! يعنون الملائكة الموكّلين بالبشر (٣٤٩) ، ونحو ذلك من الألفاظ المخالفة للشرع ، المجانبة للأدب. والتفضيل إذا كان على وجه التنقص أو الحمية والعصبية للجنس ـ : لا شكّ في رده ، وليس هذه [المسألة] نظير المفاضلة بين الأنبياء ، فإن تك قد وجد فيها نص ، وهو قوله تعالى : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) البقرة : ٢٥٣ ـ الآية. وقوله تعالى : (وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) الاسراء : ٥٥. وقد تقدم الكلام في ذلك عند قول الشيخ : وسيد المرسلين ، يعني النبي صلىاللهعليهوسلم. والمعتبر رجحان الدليل ، ولا يهجر القول لأن بعض أهل الأهواء وافق عليه ، بعد أن تكون المسألة مختلفا فيها بين أهل السنة. وقد كان أبو حنيفة رضي الله عنه يقول أولا بتفضيل الملائكة على البشر ، ثم قال بعكسه ، والظاهر أن القول بالتوقف أحد أقواله. والأدلة في هذه المسألة من الجانبين إنما تدل على الفضل ، لا على الأفضلية ، ولا نزاع في ذلك. وللشيخ تاج الدين الفزاري رحمهالله مصنف سماه «الإشارة في البشارة» في تفضيل البشر على الملك ، قال في آخره : اعلم أن هذه المسألة من بدع علم الكلام ، التي لم يتكلم فيها الصدر الأول من الأمة ، ولا من بعدهم من أعلام الأئمة ، ولا يتوقف عليها أصل من أصول العقائد ، ولا يتعلق بها من الأمور الدينية كبير من المقاصد. ولهذا خلا عنها طائفة من مصنفات هذا الشأن ، وامتنع من الكلام فيها جماعة من الأعيان ، وكل متكلم فيها من علماء الظاهر بعلمه ، لم يخل كلامه عن ضعف واضطراب. انتهى والله الموفق للصواب.
فمما استدل به على تفضيل الأنبياء على الملائكة : أن الله أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم ، وذلك دليل على تفضيله عليهم ، ولذلك امتنع إبليس واستكبر وقال ؛ (أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ) الاسراء : ٦٢. قال الآخرون : إن سجود الملائكة كان امتثالا لأمر ربهم ، وعبادة [وانقيادا] وطاعة له ، وتكريما لآدم وتعظيما ، ولا يلزم من ذلك الأفضلية ، كما لم يلزم من سجود يعقوب لابنه عليهماالسلام تفضيل ابنه عليه ، ولا تفضيل الكعبة على بني آدم بسجودهم إليها امتثالا
__________________
(٣٤٩) قال عفيفي : انظر ص ٣٥٠ وما بعده من ج ٤ من «مجموع الفتاوى» لابن تيمية
.