وقد سافر موسى وفتاه في طلب العلم إلى الخضر ، وتزوّد لذلك ، طلب موسى منه العلم صريحا ، وقال له الخضر : إنك على علم من علم الله ، الى آخر كلامه. ولا الهدهد أفضل من سليمان عليهالسلام ، بكونه أحاط بما لم يحيط به سليمان عليهالسلام [علما].
ومنه : قوله تعالى : (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) ص : ٧٥. قال الآخرون : هذا دليل الفضل لا الأفضلية ، وإلا لزم تفضيله على محمد صلىاللهعليهوسلم. فإن قلتم : هو من ذريته؟ فمن ذريته البر والفاجر ، بل يوم القيامة إذا قيل لآدم : «ابعث من ذريتك بعثا الى النار» ، «يبعث من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين الى النار ، وواحدا الى الجنة» (٣٥٠). فما بال هذا التفضيل سرى الى هذا الواحد من الألف فقط.
ومنه : قول عبد الله بن سلام رضي الله عنه : ما خلق الله خلقا أكرم عليه من محمد صلىاللهعليهوسلم (٣٥١) ، الحديث ، فالشأن في ثبوته وإن صح عنه فالشأن في ثبوته في نفسه ، فإنه يحتمل أن يكون من الإسرائيليات.
ومنه : حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الملائكة قالت : يا ربنا ، أعطيت بني آدم الدنيا يأكلون فيها ويشربون ويلبسون ، ونحن نسبح بحمدك ، ولا نأكل ولا نشرب ولا نلهو ، فكما جعلت لهم الدنيا فاجعل لنا الآخرة؟ قال : لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلت له : كن فكان» (٣٥٢). أخرجه الطبراني. وأخرجه عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل
__________________
(٣٥٠) متفق عليه من حديث ابي هريرة.
(٣٥١) «المستدرك» (٤ / ٥٦٨ ـ ٥٦٩) بسند صحيح عنه وصححه هو والذهبي.
(٣٥٢) ضعيف ، كما أشار إليه المصنف ، وأما تعقب الشيخ أحمد شاكر عليه بقوله : «هكذا أعل الشارح الحديث اسنادا ومتنا ، وما أصاب في ذلك السداد ، اذ قصر في تخريجه. أما رواية الطبراني ، فإنها ضعيفة حقا ، بل غاية في الضعف. فقد نقلها ابن كثير في التفسير (٥ / ٢٠٦) باسنادها من «المعجم الكبير». ونقلها الهيثمي في «مجمع الزوائد» (١ / ٨٢) وقال : رواه الطبراني في «الكبير» و «الاوسط». وفيه ابراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي ، وهو كذاب متروك. وفي اسناد الاوسط طلحة بن زيد ، وهو كذاب أيضا». فهذان اسنادان لا تعبأ بهما. ـ