وحاصل الكلام : أن هذه المسألة من فضول المسائل. ولهذا لم يتعرض لها كثير من أهل الأصول ، وتوقف أبو حنيفة رضي الله عنه في الجواب عنها ، كما تقدم. والله أعلم بالصواب.
وأما الأنبياء والمرسلون ، فعلينا الإيمان بمن سمّى الله تعالى في كتابه من رسله ، والإيمان بأن الله تعالى أرسل رسلا سواهم وأنبياء ، لا يعلم أسماءهم وعددهم إلا الله تعالى الذي أرسلهم. فعلينا الإيمان بهم جملة لأنه لم يأت في عددهم نصّ. وقد قال تعالى : (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) النساء : ١٦٤. وقال تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) غافر : ٧٨. وعلينا الإيمان بأنهم بلّغوا جميع ما أرسلوا به على ما أمرهم الله به ، وأنهم بيّنوه (٣٥٧) بيانا لا يسع أحدا ممن أرسلوا إليه جهله ، ولا يحل خلافه. قال تعالى : (فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) النحل : ٣٥. (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) النحل : ٨٢. [(وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا)](وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) النور : ٥٤. (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) التغابن : ١٢.
وأما أولو العزم من الرسل. فقد قيل فيهم أقوال أحسنها : ما نقله البغوي وغيره عن ابن عباس وقتادة : أنهم نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ومحمد ، صلوات
__________________
ـ شاكر : «تكلم فيه بغير حجة ، والراجح توثيقه» مردود ، فقد قال فيه الامام أحمد : مضطرب الحديث. وقال ابو حاتم : ليس بالقوي يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن حبان : كان ممن كثر وهمه حتى خرج عن جملة من يحتج بهم اذا انفردوا. ومن المقرر في «المصطلح» أن الجرح المفسر مقدم على التعديل ، وقد تبين من هذه الكلمات أن ضعفه بسبب وهمه ، ومن الغريب أنه ليس هناك نقل عن امام في توثيقه ، وأحسن ما قيل فيه قول النسائي : «صالح» أفمثل هذا يرد نصوص الأئمة الجارحة؟!
ثم وجدت للحديث علة أخرى ، وهي المخالفة والارسال ، أشار إلى ذلك البيهقي في «شعب الإيمان» (١ / ١٠٩ ـ هندية) ، ولا يتسع المجال لبيان ذلك هنا ، فإلى «الضعيفة» (٥٤٤٤).
(٣٥٧) في الاصل : بيّنوا.