قوله : (ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ، ما داموا بما جاء به النبي صلىاللهعليهوسلم معترفين ، وله بكل ما قاله وأخبر مصدقين).
ش : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من صلى صلاتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا ، فهو المسلم ، له ما لنا وعليه ما علينا» (٣٥٩). ويشير الشيخ رحمهالله بهذا الكلام الى أن الإسلام والإيمان واحد ، وأن المسلم لا يخرج من الإسلام بارتكاب الذنب ما لم يستحله. والمراد بقوله : أهل قبلتنا ، من يدعي الإسلام ويستقبل الكعبة وإن كان من أهل الأهواء ، أو من أهل المعاصي ، ما لم يكذب بشيء مما جاء به الرسول صلىاللهعليهوسلم. وسيأتي الكلام على هذين المعنيين عند قول الشيخ : ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله. وعند قوله : والإسلام والإيمان واحد ، وأهله في أصله سواء.
قوله : (ولا نخوض في الله ، ولا نماري في دين الله).
ش : يشير الشيخ رحمهالله الى الكف عن كلام المتكلمين الباطل ، وذم علمهم ، فإنهم يتكلمون في الإله بغير علم وغير سلطان أتاهم. (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى) النجم : ٢٣. وعن أبي حنيفة رحمهالله ، أنه قال : لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات بشيء ، بل يصفه بما وصف به نفسه. وقال بعضهم : الحق سبحانه يقول : من ألزمته القيام مع أسمائي وصفاتي ألزمته الأدب ، ومن كشفت له حقيقة ذاتي ألزمته العطب ، فاختر الأدب أو العطب. ويشهد لهذا : أنه سبحانه لما كشف للجبل عن ذاته ساخ الجبل وتدكدك ولم يثبت على عظمة الذات. قال الشبلي : الانبساط بالقول مع الحق ترك الأدب. وقوله : ولا نماري في دين الله. معناه : لا نخاصم أهل الحق بإلقاء شبهات أهل الأهواء عليهم ، التماسا لامترائهم وميلهم ، لأنه في معنى الدعاء الى الباطل ، وتلبيس الحق ، وإفساد دين الاسلام.
__________________
(٣٥٩) اخرجه البخاري في الصلاة من حديث انس الا انه قال ، «له ما للمسلم وعليه ما على المسلم». واخرجه ابو داود وغيره عنه نحوه. وهو مخرج في «الصحيحة» (٣٠٣).