مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، والتوبة معروضة بعد» (٣٧٣). وقال صلىاللهعليهوسلم : «بين المسلم وبين الكفر ترك الصلاة» (٣٧٤). رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه. وقال صلىاللهعليهوسلم : «من أتى كاهنا فصدّقه ، أو أتى امرأة في دبرها ، فقد كفر بما أنزل على محمد» (٣٧٥). وقال صلىاللهعليهوسلم : «من حلف بغير الله فقد كفر» (٣٧٦). رواه الحاكم بهذا اللفظ. وقال صلىاللهعليهوسلم : «ثنتان في أمتي [بهم] كفر : الطعن في الأنساب ، والنياحة على الميت» (٣٧٧). ونظائر ذلك كثيرة.
والجواب : أن أهل السنة متفقون كلهم على أن مرتكب الكبيرة لا يكفر كفرا ينقل عن الملة بالكلية ، كما قالت أن الخوارج ، إذ لو كفر كفرا ينقل عن الملّة لكان مرتدّا يقتل على كل حال ، ولا يقبل عفو ولي القصاص ، ولا تجري الحدود في الزنا والسرقة وشرب الخمر! وهذا القول معلوم بطلانه وفساده بالضرورة من دين الإسلام. ومتفقون على أنه لا يخرج من الإيمان والإسلام ، ولا يدخل في الكفر ، ولا يستحق الخلود مع الكافرين ، كما قالت المعتزلة. فإن قولهم باطل أيضا ، إذ قد جعل الله مرتكب الكبيرة من المؤمنين ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى) البقرة : ١٧٨ ، الى أن قال : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ) البقرة : ١٧٨. فلم يخرج القاتل من الذين آمنوا ، وجعله أخا لوليّ القصاص ، والمراد أخوّة الدين بلا ريب. وقال تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) الحجرات : ٩ ، الى أن قال : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ، فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) الحجرات : ١٠. ونصوص الكتاب والسنة والإجماع تدل على أن الزاني والسارق والقاذف لا يقتل ، بل يقام عليه الحد ،
__________________
(٣٧٣) اخرجه الشيخان.
(٣٧٤) اخرجه مسلم.
(٣٧٥) صحيح وهو مخرج في «آداب الزفاف» ص ٣١ ط ٣.
(٣٧٦) صحيح وتقدم الحديث (برقم ٢١٣).
(٣٧٧) صحيح ، رواه مسلم (١ / ٥٨) بلفظ «اثنتان في الناس ...» والباقي مثله.