من سيئات أعماله. ونظير هذا : الفقير والمسكين ، إذا ذكر أحد اللفظين شمل الآخر ، وإذا ذكرا معا كان لكل منهما معنى. قال تعالى : (إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ) المائدة : ٨٩. (فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) المجادلة : ٤. (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) البقرة : ٢٧١. لا خلاف أن كل واحد من الاسمين في هذه الآيات لما أفرد شمل المقلّ والمعدم ، ولما قرن أحدهما بالآخر في قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) التوبة : ٦٠ ، الآية ـ : كان المراد بأحدهما المقلّ ، والآخر المعدم ، على خلاف فيه. وكذلك : الإثم والعدوان ، والبر والتقوى ، والفسوق والعصيان. ويقرب من هذا [المعنى] : الكفر والنفاق ، فإن الكفر أعم ، فإذا ذكر الكفر شمل النفاق ، وإن ذكرا معا كان لكل منهما معنى. وكذلك الإيمان والإسلام (٣٨٦) ، على ما يأتي الكلام فيه ، إن شاء الله تعالى. السبب الثالث : الحسنات : فإن الحسنة بعشر أمثالها ، والسيئة بمثلها ، فالويل لمن [غلبت] آحاده عشراته. وقال تعالى : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) هود : ١١٤. وقال صلىاللهعليهوسلم : «واتبع السيئة الحسنة تمحها» (٣٨٧). السبب الرابع : المصائب الدنيوية ، قال صلىاللهعليهوسلم : «ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ، ولا غمّ ولا هم ولا حزن ، حتى الشوكة يشاكها ـ إلا كفّر بها من خطاياه» (٣٨٨). وفي «المسند» : أنه لما نزل قوله تعالى : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) النساء : ١٢٣ ـ قال أبو بكر : يا رسول الله ، نزلت قاصمة الظهر (٣٨٩) ، وأينا لم يعمل سوءا؟ فقال : «يا أبا بكر ، ألست تنصب؟ ألست تحزن؟ ألست يصيبك اللأواء؟ فذلك ما تجزون به» (٣٩٠).
__________________
(٣٨٦) قال عفيفي : انظر اسباب سقوط العقوبة عن العبد ص ٤٨٧ / ٥٠١ من الفتاوي.
(٣٨٧) حديث حسن ، وهو مخرج في «الروض النضير» (٨٥٥).
(٣٨٨) متفق عليه من حديث ابي سعيد وأبي هريرة معا.
(٣٨٩) في الاصل : للظهر.
(٣٩٠) ضعيف الاسناد ، صحيح المعنى ، قال أحمد شاكر في تعليقه هنا : حديث أبي بكر هذا في «المسند» ، برقم : ٦٨ بشرحنا. ولكن اوله هناك أن أبا بكر قال : يا رسول الله ، كيف الصلاح بعد هذه الآية؟ .. فكل سوء عملناه جزينا به؟». ليس فيه قوله هنا «نزلت قاصمة الظهر ..» وهو حديث ضعيف ، اسناده منقطع. وكان الأجدر بالشارح أن يذكر حديث