فالمصائب نفسها مكفرة ، وبالصبر عليها يثاب العبد ، وبالسخط يأثم. والصبر والسخط أمر آخر غير المصيبة ، فالمصيبة من فعل الله لا من فعل العبد ، وهي جزاء من الله للعبد على ذنبه ، ويكفّر ذنبه بها ، وإنما يثاب المرء ويأثم على فعله ، والصبر والسخط من فعله ، وإن كان الأجر قد يحصل بغير عمل من العبد ، بل هدية من الغير ، أو فضلا من الله من غير سبب ، قال تعالى : (وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) النساء : ٤٠. فنفس المرض جزاء وكفارة لما تقدم. وكثيرا ما يفهم من الأجر غفران الذنوب ، وليس ذلك مدلوله ، وإنما يكون من لازمه. السبب الخامس : عذاب القبر. وسيأتي الكلام عليه ، إن شاء الله تعالى. السبب السادس : دعاء المؤمنين واستغفارهم في الحياة وبعد الممات. السبب السابع : ما يهدى إليه بعد الموت ، من ثواب صدقة أو قراءة أو حجّ ، ونحو ذلك ، وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى. السبب الثامن : أهوال يوم القيامة وشدائده. السبب التاسع : ما ثبت في «الصحيحين» : «أن المؤمنين اذا عبروا الصراط وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقتصّ لبعضهم من بعض ، فإذا هذّبوا ونقّوا أذن لهم في دخول الجنة» (٣٩١). السبب العاشر : شفاعة الشافعين ، كما تقدم عند ذكر الشفاعة وأقسامها. السبب الحادي عشر : عفو أرحم الراحمين من غير شفاعة ، كما قال
__________________
ابي هريرة في «المسند» : ٧٣٨٠ انه لما نزلت هذه الآية «شقت على المسلمين وبلغت منهم ما شاء الله ان تبلغ ، فشكوا ذلك الى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال لهم : قاربوا وسددوا ، فكل ما يصاب به المسلم كفارة ، حتى النكبة ينكبها». وهو حديث صحيح ، رواه مسلم في صحيحه (٢ / ٢٨٢) ، وزاد في آخره : «والشوكة يشاكها». ولو رجع الشارح رحمهالله الى تفسير شيخه ابن كثير في هذه الآية (٢ / ٨٥٦ ـ ٥٩٠) لوجد حديث أبي هريرة ، وأحاديث أخر في معناه ، بعضها أصح اسنادا من حديث أبي بكر.
قلت : وهو في «مسند ابي بكر الصديق» للحافظ ابي بكر المروزي (رقم ٢٠ و ١١١) طبع المكتب الاسلامي تحقيق الاستاذ شعيب الارناؤوط من طريقين ضعيفين عن الصديق رضي الله عنه.
(٣٩١) هو طرف من حديث ، اخرجه البخاري في «المظالم و «الرقاق» وأحمد (٣ / ١٣ و ٦٣ و ٧٤) من حديث ابي هريرة مرفوعا ، ولم اره في صحيح مسلم ، ولا عزاه السيوطي إليه.