الوجه المذكور من أشرف منازل المريد. وفي «الصحيح» عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «يقول الله عزوجل : أنا عند ظن عبدي بي. فليظن [بي] ما شاء» (٣٩٣) وفي «صحيح مسلم» عن جابر رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول قبل موته بثلاث : «لا يموتنّ أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه» (٣٩٤) ، ولهذا قيل : إن العبد ينبغي أن يكون رجاؤه في مرضه أرجح من خوفه ، بخلاف زمن الصحة ، فإنه يكون خوفه أرجح من رجائه. وقال بعضهم : من عبد الله بالحب [وحده] فهو زنديق ، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري ، [وروي] : ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ ، ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحّد. ولقد أحسن محمود الوراق في قوله :
لو قد رأيت الصغير من عمل الخ |
|
ير ثوابا عجبت من كبره |
أو قد رأيت الحقير من عمل الش |
|
ر جزاء أشفقت من حذره |
قوله : (ولا يخرج العبد من الايمان الا بجحود ما ادخله فيه).
ش : يشير الشيخ الى الرد على الخوارج والمعتزلة في قوله بخروجه من الإيمان بارتكاب الكبيرة. وفيه تقرير لما قال أولا : لا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ، ما لم يستحله. وتقدم الكلام على هذا المعنى.
قوله : (والايمان : هو الإقرار باللسان ، والتصديق بالجنان. وجميع ما صح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الشرع والبيان كله حق. والايمان واحد ، وأهله في أصله سواء ، والتفاضل بينهم بالخشية والتقى ، ومخالفة الهوى ، وملازمة الأولى).
__________________
(٣٩٣) متفق عليه من حديث أبي هريرة بلفظ : «.. وأنا معه إذا ذكرني ..» الحديث ، وقد مضى في الكتاب (برقم ٣٥٥) معزوا ل «الصحيح» أيضا ، وعزوه إليه هنا خطأ ، فإنه إنما رواه بهذا اللفظ الذي هنا عن ابي هريرة الامام أحمد ، وفيه ابن لهيعة ، لكن له شاهد من حديث واثلة ، رواه احمد وغيره بسند صحيح ، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي ، وهو مخرج في «الصحيحة» تحت الحديث (١٦٦٣).
(٣٩٤) رواه مسلم وغيره كما في «أحكام الجنائز» (ص ٣).